صحيفة اليوم

كلمة اليوم

عندما وجّه خادم الحرمين الشريفين نداءه «الغيور» على العراق، إلى كل العراقيين، وقادتهم السياسيين، للالتقاء في الرياض، توقعنا أن تعترض بعض التيارات المعروفة ولاءاتها، وتتحجج وتتذرّع ـ وهي في ذلك لن تعدم الحيلة والمراوغة ـ للهروب من مسؤوليتها التاريخية التي وجدت نفسها أمامها فجأة، فبدت محاصرة دون أن تدري! خادم الحرمين الشريفين في ندائه الأخير، إنما استحضر كل قامات التاريخ، وذكّر القادة العراقيين بما يجب أن يكونوا عليه، احتراماً لتاريخ بلدهم، وتقديراً لعطاء أمتهم، وتذكيراً بحق أجيالهم المقبلة، وحق شعبهم الذي عاني الهوان والظلم والفساد والموت العلني على قارعة الطريق، وعند حواجز الموت، بأيدي فرق القتل على الهوية، وجزاري الفتنة الطائفية ودعاة التقسيم والاستقواء بالغير من أجل كرسي حكم جاءوا إليه على فوّهة بندقية أو جنزير دبابة أجنبية. ـ نعرف في المملكة، أن هناك من الطابور الخامس في العراق، من لا يهمه أي انتماء لعروبة، ومن لا يعنيه أي وفاء لتاريخ أمة أو لغة أو دين. ـ ونعرف أيضاً.. أن لدى بعض القادة السياسيين مشروعهم الطائفي والمذهبي التنكيلي والباحث عن ثارات تاريخية مزعومة، رأوا في الوضع الرّاهن فرصة لا تعوّض لتنفيذ أجندتها المدعومة خارجياً. ـ ونعرف أيضاً.. أن هناك ـ وللأسف ـ من داخل العراق، من لا يهمهم وحدة العراق، ولا سيادة العراق، وإذا كانوا يتشدّقون بهذه الألفاظ، فمن قبيل التقيّة السياسية، ويعملون فقط وفق خطة سايكس بيكو عراقية، يرون من خلالها ميليشياتهم الخاصة، وعلمهم الخاص، وعاصمتهم الخاصة.. وما فضائح تقرير ويكيليكس الأخيرة سوى شهادة على جريمة البعض. لذا كان النداء الذي وجّهه خادم الحرمين الشريفين بالأمس، متفرّداً في لغته، وصادقاً في توجّهه، وأميناً في غايته، وشريفاً في وسيلته، كان تشريحاً وتوصيفاً للإشكالية، دونما بحثٍ عن منافع شخصية، أو جرياً وراء نفوذ داخلي أو شهرة إقليمية. نداء الملك، ليس تدخّلاً في شأن داخلي للعراق، ولكنه واجب أخوي تحتّمه وتفرضه الروح العربية التي ننضوي تحت لوائها، كما أنه إضاءة يمكن للعراقيين من خلالها تقرير وضعهم بحيادية تامة، وبأمانة ذاتية، يستشعرون فيها أنهم ليسوا وحدهم، وأن هناك من الأشقاء المخلصين مما يمكنهم الابتعاد عن أن يكونوا أداة في أيدي غيرهم من الطامحين أو الطامعين. ترحيب أغلبية العراقيين بالنداء الملكي وتقديرهم لهم، إشارة مهمة إلى أن العراقيين الشرفاء لا يزالون موجودين، وأنهم ينتظرون الخلاص من هذا الوضع المشين، لهم ولنا وللجميع، والخلاص سيكون قريباً جداً بإذن الله.