القاهرة ـ محمد الشريف

لست نموذجاً .. لماذا لا تسألوا القيادة السياسية؟

رفض احمد سعيد المذيع المصري الذي اشتهر باذاعة البيانات العسكرية اثناء حرب 1967 الربط بينه وبين وزير الاعلام العراقي السابق محمد سعيد الصحاف معتبراً ذلك محاولة للربط بين صدام حسين وجمال عبد الناصر. واضاف في حديثه لـ "اليوم" ان جهاز الاعلام تملكه الدولة والذي يعمل بهذا الجهاز ولا يستطيع ان يخالف السياسة المرسومة للدولة وان العملية الاعلامية يحكمها الدستور والقانون مؤكداً ان اتهامه باذاعة بيانات كاذبة اثناء حرب 1967 ظلم له لانه كمذيع لم يكن في جبهة القتال وانما يتلقى البيانات من القيادة العسكرية ولا يحق له حسب الدستور والقانون ان يعدل او يناقش في هذه المعلومات الواردة في البيانات.كما انتقد اداء الاعلام العربي والامريكي اثناء الحرب الامريكية على العراق متهماً بعض وسائل الاعلام العربية بالترويج لصالح امريكا واشار إلى الدور الخطير الذي يتفوق فيه الاعلام على الصواريخ العابرة للقارات التي قد لا تمكلها بعض الدول اثناء خوضها حروب بل قد تملك الاعلام العابر للقارات والذي يحشد بعض الدول اثناء خوضها لحروب بل قد تملك الاعلام العابر للقارات والذي يحشد الرأي العام ويحمي الشعوب من الهزيمة النفسية كما تطرق احمد سعيد في حديثه إلى عدد من القضايا الملحة .. وكان هذا الحوار: اسألوا القيادة السياسية @ من باب الرد على الاقاويل وبيان الحقيقة حول دورك كاعلامي اثناء حرب 1967 خاصة وان هذا الدور محل تساؤل للكثيرين فالبعض يرى انك كنت مسؤلا عن اذاعة بيانات كاذبة اثناء الهزيمة والبعض قال انك كنت تتجاوز القيادة السياسية في تعليقاتك وتحليلاتك السياسية نرجو توضيح ذلك؟ - اولاً: لا يوجد انسان في الاعلام يستطيع ان يتجاوز قيادته السياسية او يتجاوز من يملك جهاز الاعلام والا فسيتم انهاء خدمته كمبدأ فلا يستطيع صحفي او مذيع في التليفزيون او الاذاعة يقول شيئاً يخالف السياسة الموضوعة من قبل مالك الاذاعة او القناة التليفزيونية او الصحيفة، فوسائل الاعلام بمختلف مسمياتها لها سياسة مرسومة والذي يفرض هذه السياسة هو مالكها سواء من وجهة نظر سياسية او تجارية او عقائدية وبالتالي فهذه الوسائل ملتزمة بخطوط معينة واذا تجاوز احد من العاملين بها هذه الخطوط فسوف يتم استبعاده فوراً وما حدث اثناء الحرب الامريكية ضد العراق مع المراسل الامريكي ارنت الذي تم استبعاده من عمل كمراسل لشبكة CNN هو خير دليل على انه تجاوز السياسة المرسومة للعمل الاعلامي. والاعلام لمن يملكه وحرية الاعلام مرتبطة ارتباطا كاملا بالحدود المرسومة لجهاز الاعلام من قبل الدولة او الحكومة. - ثانياً: الاعلام جزء من كل ولا يوجد اعلام منفصل عن المجتمع فيجب ان يراعى الاعلام احتياجات المجتمع نفسياً. فاذا كانت البلد في حالة حرب والحرب يعني وفقاً للدستور والقوانين تعني ان الدولة مسخرة لخوض الحرب وتحقيق اكبر نتيجة مفيدة للمجتمع فبالتالي تكون جميع البلد في حالة حرب وبكل ما تملكه البلد من موارد ومقدرات بما فيها الاعلام خاصة وان دور الاعلام المعاصر اصبح خطيراً جداً ومعقدا جداً واصبح وكأنه احد اسلحة القوات المسلحة وربما اكثر في بعض الحالات فقد لا تملك الدولة صواريخ عابرة للقارات ولكن تملك قنوات واذاعات عابرة للقارات والرأي العام والحالة النفسية للشعوب لها قيمة كبيرة جداً في عملية الصمود والاستمرار في الدفاع وقيمة الرأي العام هنا كيف تستطيع ان تنجح كاعلامي ان تجعل الرأي العام متعاطفا مع قضية بلدك. - ثالثاً: القوانين التي تحكم العملية الاعلامية في حالة الحرب فمثلاً قانون العقوبات المصري يحكم بالاعدام على كل من يأتي بفعل او قول يؤدي إلى اضعاف الروح المعنوية للقوات المسلحة او للشعب. ايضاً ينص القانون على انه يحكم بالاشغال الشاقة في حالة الحرب وبالاشغال المؤقتة في حالة السلم على كل من يأتي بفعل او قول يؤدي إلى قطع العلاقات مع دولة اخرى ويشمل ذلك ما ينشر من الاخبار في الاذاعة او التليفزيون او الصحف والمجلات، وهذا يعني ان الاعلام جزء من العملية القتالية الحربية الدائرة لان ما ينشر عبر وسائل الاعلام يؤثر على معنويات الشعب المطلوب منه تقديم التضحيات من اجل احراز النصر. فمن يتهمني ويقول ان احمد سعيد كان يذيع بيانات كاذبة اثناء حرب 1967 فانه لم يعرف حقيقة العمل الاعلامي فلا تستطيع أي صحيفة او اذاعة أو قناة تليفزيونية عندما يأتي اليها بيان من أي وزير في الدولة وهي في حالة حرب ان تمتنع عن نشره وعندما يأتي الينا بيان من القيادة العسكرية بالتليفون ويقول لنا القوات المسلحة استطاعت ان تسقط خمسين طائرة مثلاً ونحن كاذاعة او تليفزيون جزء منه فهل سنناقشه فاذا ناقشناه وامتنعنا فله ان يطبق علينا قانون الاعلام. أداء سيء @ كخبير اعلامي قديم ما تقييمك للاعلام العربي والعراقي والامريكي اثناء الهجوم الامريكي على العراق حيث انه في ظل هذا الزخم الاعلامي رأى البعض ان الاعلام العراقي قد خذل الجماهير العربية لانه اذاع كثيرا من البيانات الكاذبة وفجأة حدث الاستسلام بينما الاعلام الامريكي كان قريبا من الحقيقة؟ - أولاً بالنسبة للاعلام العربي كان اداؤه سيئا لانه اعلام مأجور ومخترق وعميل وهذا الحكم يسري على معظم وسائل الاعلام العربية من تليفزيون واذاعة وصحافة لان الولايات المتحدة الامريكية استطاعت استمالة بعض القيادات الاعلامية عن طريق المال والاغراءات فنجد مثلاً امريكا رصدت 4 مليارات دولار اعتمدها الكونجرس بعد احدث 11 سبتمبر لتغيير صورة امريكا في العالم، فأين ذهب هذا بالطبع إلى تمويل حملات في الصحف والاذاعات والقنوات التليفزيونية لصالح الولايات المتحدة الامريكية وتحسين وجهها القبيح. فنجد مثلاً بعض الكتاب اليساريين في مصر يكتبون الآن لصالح امريكا، ثانياً: الاعلام الامريكي لم يكن اعلاماً حقيقياً فكان الامريكان ينشرون بيانات كاذبة فيقولون انهم احتلوا البصرة وام قصر وهذا لم يحدث وكانوا يقولون انهم لم يكبدوا خسائر فالحقيقة خير ذلك فهم قد تكبدوا خسائر كبيرة في الحرب وهم يخفون الحقيقة الآن. وحدث اثناء الحرب عبث كان سببه ان الرأي العام في الولايات المتحدة بدأ ينشط ويمارس ضغوطا على البيت الابيض والبنتاجون والخارجية الامريكية فقامت هذه المؤسسات الامريكية امام هجوم الرأي العام باستدعاء ملاك المحطات التليفزيونية والاذاعات والصحف في امريكا والمهيمنة على وسائل الاعلام واصدرت لهم اوامر بالالتزام بقرارات معينة يصدرها مكتب خاص بالبيت الابيض بل اكثر من هذا بدأ يعملون مظاهرات ضد المظاهرات المناهضة للحرب على العراق فظهرت امريكا وهي تعمل بعمل البلاد التي تنتمي لحزب واحد اما بالنسبة للاعلام العراقي فلم يستطع تعبئة الرأي العام بالشكل المطلوب لانه كان في مشكلة ليس سببها الصحاف ولكن المشكلة هي ان الاعلام العراقي استيقظ فجأة بعد ان كان في حالة استسلام منذ اكثر من عشر سنوات منذ حرب تحرير الكويت وكان يهدي الشعب العراقي ويعطيهم جرعة بسيطة وفجأة طالب الشعب بالقتال. @ هناك ربط بين دورك في اذاعة البيانات عن حرب 1967 وبين الدور الذي لعبه وزير الاعلام العراقي محمد سعيد الصحاف في اذاعته لبيانات الحرب على العراق خاصة فيما يتعلق باذاعة البيانات لا تتسم بالموضوعية فما تعليقك؟ - اولاً الوزير الصحاف ليس هو الاعلام العراقي فهو بعمله جزء من الاعلام العراقي، ثانياً: الوزير الصحاف كان عنده مشكلة وهي ان العراق كان يقدم تنازلات منذ حرب تحرير الكويت عام 1991 وكان يحاول ان يرضي امريكا والغرب لكي يقلل من حجم العقوبات المفروضة عليه وبالتالي فان الاعلام العراقي لم يستطع تعبئة الجماهير والمحافظة عليها في درجة معينة واستمر على هذا الوضع إلى ان صدر قرار مجلس الامن في نوفمبر 2002 بعودة المفتشين للتفتيش على اسلحة الدمار الشامل في العراق لنزعها وحل المشكلة سلمياً وهذا القرار الذي سمحت بموجبه القيادة العراقية بتفتيش القصور الرئاسية، وهذا القرار يعتبر من وجهة نظري ان القيادة العراقية سمحت بهتك عرض نظامها وبلادها وهذه احدى خطايا النظام العراقي السابق لان هؤلاء المفتشين هم جواسيس امريكان وكان النظام العراقي يهدف من وراء ذلك إلى ان يبقي فهو لا يريد ان يقاتل وخاصة عندما رأى ان الرأي العام العالمي يقف بجواره ودول مثل فرنسا والمانيا وروسيا ترفض الحرب على العراق كما ان طريقة الاعلام العراقي في عرضه للقرار على الجماهير كانت خاطئة مما ادى إلى تمرد بعض العراقيين الذين القى بهم النظام العراقي في السجون لاعتراضهم على قبول القيادة العراقية بهذا القرار فعندما رأى صدام حسين وباقي اعضاء النظام العراقي ان الرئيس بوش اعطى الانذار الاخير بالحرب، فجأة طلب من الاعلام العراقي تعبئة الجماهير للقتال والمقاومة ضد امريكا وكان المفروض عليه اثناء قبوله لقرار مجلس الامن بعودة المفتشين ان يقوم بهذه التعبئة ويشحذ الرأي العام في بلاده والعالم ضد امريكا لكنه اوقف الهجوم ضد امريكا فكيف النظام يطلب فجأة من الاعلام ان ينقلب بعد ان كان في حالة استسلام هذا من ناحية اما عن دوري خلال حرب 1967 كان ينحصر كما ذكرت في بيانات تأتي إلي من القيادة العسكرية ومن الناحية الحرفية والوطنية فانني عملت احسن ما يمكن بشهادة الجميع في مصر وغير مصر وحصلت على اوسمة ونياشين من عدة دول عربية فأنا ليس لي دخل ان الجيش ينهزم لاني لست قائدا في الجيش او امثل القيادة العسكرية وليس لي دخل بحسابات القيادة السياسية التي قد تخطئ في صراعات القوى العالمية ولكن انا مسؤول عن جماهير وجيش من الناحية التعبوية وكيف احافظ على معنويات هذا الشعب والجيش حتى وانا اعلن له الهزيمة وكيف استطيع ان اجعل الجميع على قلب رجل واحد ولا يتطاحن ولا يدمر املاكه ولا ينهبها واجعله على قلب رجل واحد. - لماذا نتجاهل قوانين الحرب ولماذا نتجاهل دور المذيع وهو يتحدث امام الكاميرا او يتحدث في الميكروفون انه يستطيع ان يرفع من الروح المعنوية للجماهير حتى لا تنهار. وبالتالي فالذين يحاولون الربط بيني وبين الوزير الصحاف غير محقين في ذلك لان الصحاف رمز واحمد سعيد رمز والرئيس جمال عبد الناصر رمز وصدام حسين رمز مع اختلاف نوعية الرموز التي نمثلها فالبعض حاول ان يصنع من الوزير الصحاف نجما مثل صناعة نجوم السينما وهذه لعبة الاعلام القذرة التي يمارس الآن. .. لو ؟! @ ما تفسيرك لحالة الانهيار المفاجئ والاستسلام السريع للنظام العراقي؟ - لو كان العراق استمر في مقاومته لمدة اسبوعين فقط ولم يسلم كان سيكسب المعركة مائة في المائة وكان الوضع سوف يتغير عما عليه الآن فالعراق لم يكن اقل من فيتنام وفيتنام لم تكن اقوى من امريكا لما اجبرتها على الانسحاب لكن المقاومة الفتينامية استمرت وصمدت. والامريكان وعندما بدأت الحرب على العراق حاولوا بشتى الطرق ان ينهوا الحرب في اسرع وقت ممكن فقد مارس اعضاء بارزون في الكونجرس من الحزبين الجمهوري والديمقراطي ضغوطا مكثفة على الرئيس بوش خاصة بعد الاضطراب الذي حدث في الاسبوع الاول من بداية الحرب وطالبوه بانهاء الحرب خلال اربعة ايام حتى ولو ادى به الامر إلى اعطاء اوامره للجيش الامريكي ان يستخدم اسلحة محرمة لان الجماهير الامريكية في الولايات التابعين لها هؤلاء الاعضاء في الكونجرس مارسوا عليهم ضغوطاً لتوصيل صوتهم الرافض للحرب فأعطى الرئيس بوش اوامره بأن يستخدم الجيش القنابل العنقودية والقنابل المخصبة باليورانيوم وترك القيم والاخلاق واستخدام هذه الاسلحة في نفس الوقت استخدم سلاح المال والخيانة مع العملاء العراقيين الذين امدوا الجيش الامريكي بالمعلومات فكانت النتيجة هذا السقوط السريع فالاستمرار في المقاومة والصمود سبب رئيسي للنصر فمصر انتصرت في عام 56 بسبب الاستمرار والصمود مع اننا لم ننتصر عسكرياً بل هزمنا عسكرياً ولكن لم نسلم وفي هذا الوقت طلب بعض السياسيين القدامى قبل الثورة بتسليم البلد بدلاً من حدوث خسائر رفض الرئيس جمال عبد الناصر واعتبر هؤلاء خونة وقال ان قيمنا في قتالنا وشجع الشعب على الصمود والمقاومة. @ ما حقيقة الخلاف بينك وبين الرئيس انور السادات؟ - لم يكن بيني وبين الرئيس السادات خلافا لانه لم يكن بيننا تعامل بل رفضت التعامل معه لانه رجل له افكاره وسياساته وبالطبع نحن لدينا سياسة وفكر يختلف عما هو عليه الرئيس السادات.