الدكتور علي عبدالعزيز العبدالقادر

الدكتور علي عبدالعزيز العبدالقادر

أبدأ هذا المقال بطرح هذه التساؤلات ، ولدي أمل بأن وزارة التربية والتعليم في عهدها الجديد ، وقيادتها الجديدة تدرك أهمية هذا الطرح ، وتتفاعل معه برغبة مخلصة في التطوير ، فما المقصود بالمقررات الاستراتيجية في مدارس التعليم العام ؟؟ ، ولماذا تكون استراتيجية ؟؟ ، وهل طورتها وزارة التربية والتعليم علميا وتقنيا ؟! ، وما تأثير هذه المقررات على المستقبل التعليمي لخريجي الثانوية العامة من البنين والبنات ؟! ، والهدف من هذه الأسئلة هو إثارة الفكر التربوي لدى المعنيين بقضايا التعليم العام والتعليم العالي ، و ليس الهدف هو الإجابة الدفاعية التقليدية التي ترد بها الوزارة على ما يكتب في الصحافة ، وإنما الهدف هو أن تثير هذه الأسئلة حوارا تعليميا جادا وصريحا و موضوعيا لدى المسئولين في الوزارة أنفسهم وبين بعضهم بعضاً ، وبشجاعة نفسية ومعنوية تتيح لهم معرفة حقيقة الواقع ، ويجدر أن أشير الى ما قاله وزير التربية السابق عن أن مناهجنا أخفقت في إعداد خريجيها لسوق العمل أو ما في معناه . المقرر الاستراتيجي أعني به : ذلك الذي يكون تأثيره مستمرا في حياة الطالب العلمية والبحثية و العملية ، ويكون أساسا لفهم الطالب واستيعابه لمقررات دراسية أخرى تعتمد على فهمه العلمي و مهارته التطبيقية للمقرر الاستراتيجي ، وبعبارة أخرى يكون قاسما مشتركا بين مقررات وتطبيقات عملية . ومن المقررات الاستراتيجية في مناهج التعليم العام : مقررات اللغة العربية ، واللغة الانجليزية ، و الرياضيات ، و العلوم ، وتقنيات الحاسوب ( الكومبيوتر ) . فهل طورت وحدّثت وزارة التربية والتعليم مناهج هذه المقررات من حيث محتواها المعرفي وطرق تدريسها وتقنياتها بما يواكب المتغيرات والمستجدات التعليمية الحديثة ، ويتلاءم مع متطلبات عالم اليوم بما يرقى بقدرات الطالب العقلية ومواهبه الفكرية والأبداعية ، ومهاراته التطبيقية والبحثية في حياته العلمية والعملية في التعليم العام والتعليم الجامعي وميدان العمل ؟! ، وما يتطلبه عالم اليوم في مجال العلوم والتقنية والبحث العلمي ؟ و هل قامت الوزارة بإجراء قياسات على مخرجات التعليم العام ، الذين يشكلون المنتج النوعي للمناهج التعليمية وخاصة المقررات الاستراتيجية المذكورة ؟! ، وإذا أرادت الوزارة معرفة نتائج جهودها في تطوير هذه المقرارات الاستراتيجية المذكورة فيمكنها أن تكتشف ذلك حينما تنسق جهودها مع مؤسسات التعليم الجامعي في المملكة لإجراء بحوث علمية وموضوعية لاكتشاف سلبيات مناهج المقررات المذكورة في تحصيل الطالب الجامعي علميا وانعكاسها على قدراته البحثية ، وستجد أن نسبة معتبرة من طلبة الجامعات من الجنسين لديهم إعاقات واضحة في مجال البحث العلمي ، نتيجة لضعف مهاراتهم في القراءة وإجراء البحث العلمي والتحليل الرياضي والتقني ، وضعف قدراتهم على التفكير والاستدلال والاستنتاج الموضوعي وعلى الابتكار . وتجدر الإشارة الى فرع من مقرر اللغة العربية والانكليزية على سبيل المثال ، الذي يشكل حجر الزاوية لكافة المقررات في مدارس التعليم العام والتعليم الجامعي بل في مجال البحث العلمي ، هذا المقرر المهمل من قبل المعنيين في الوزارة ، لم يحظ حتى الآن باهتمام يتلاءم مع أهميته الاستراتيجية ، حيث لاتزال نظرة الطلبة ومعلميهم له على أنه مقرر هامشي يمكن أن تكون حصته فسحة للمعلم والطلاب يتلهون فيها ويخففون عن أنفسهم ثقل الحصص الدراسية ، مع أن العناية به في المدارس الأوروبية والأمريكية فائقة ، سواء من حيث المحتوى المعرفي أو من حيث طرق التدريس المتطورة التي تستهدف تكوين ميول القراءة لدى الطلبة وتنمية مهارات القراءة لديهم من حيث الفهم والاستيعاب وسرعة القراءة ( READING SPEED ) ، وتكوين القاموس اللغوي لدى الطالب بدءا من روضة الأطفال و حتى التعليم الثانوي ، وتنعكس نتائج هذا الاهتمام في قدرات خريجي الثانوية العامة على استيعابهم مقررات التعليم الجامعي والإقبال الكبير على القراءة في المكتبة الجامعية وإجراء البحث العلمي ، حتى صارت القراءة عادة ملازمة لأفراد المجتمع في تلك الدول ، سواء في الصحف او الكتب أو مواقع الأنترنت ، بينما مكتباتنا المدرسية والجامعية والبحثية تكاد تكون مهجورة ، ومايقال عن القراءة يشمل المقررات الأخرى ، من حيث ضعف طلبتنا في الرياضيات والعلوم .ويرى الكاتب أن موطن الضعف في الأساس هو ضعف المعلمين الذين يدرسون مخرجات التعليم العام ، لأنهم المنتج الأول لمقررات الوزارة وضعف تدريسهم وافتقارهم الى الطرق الحديثة في تدريس مقرر القراءة وغيره من المقررات الاستراتيجية ، ويوصي الكاتب بوضع برنامج تدريبي علاجي لجميع المعلمين يرقي بأساليب التدريس لديهم لهذه المقررات ، وتطوير طرق التدريس وتقنياته ، كما يوصي بأن تقوم الجامعات السعودية ، بتخصيص سنة تحضيرية تكون -الرياضيات والعلوم والقراءة وفروع اللغات العربية والإنكليزية -مقرراتها لمعالجة ضعف الطلبة المقبولين لديها ، مما يحسن إنتاجيتها ويرفع مستوى خريجيها ، والله ولي التوفيق . alikader77@yahoo.com