غازي القحطاني ـ الرياض

أكاديميان سعـوديان: ملفات صعـبة على أجـندة زيارة أوباما للمملكة الأربعــاء

تأتي زيارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما للمملكة بعد أن شهدت المنطقة العديد من الأزمات، حيث من المتوقع أن يبحث الطرفان العديد من القضايا ذات الاهتمام المشترك منها قضية الصراع العربي الإسرائيلي وملف الأزمة المالية العالمية وانسحاب القوات الأمريكية من العراق وملف المفاعل النووي الإيراني.وعشية زيارة الرئيس أوباما للمملكة قال الدكتور صالح بن محمد الخثلان أستاذ العلوم السياسية بجامعة الملك سعود إن زيارة الرئيس الأمريكي بارك أوباما للمملكة زيارة في غاية الأهمية بالنظر إلى العلاقة الخاصة بين المملكة والولايات المتحدة الأمريكية والتي استطاعت المحافظة على أهميتها الإستراتيجية رغم ما تعرضت له من توتر بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر. وأضاف الدكتور الخثلان إن الزيارة مهمة أيضا بسبب توقيتها حيث تعيش المنطقة جملة من التطورات المهمة التي تتطلب حواراً شاملاً بين الرياض وواشنطن يمكن من خلاله الوصول إلى تنسيق مشترك يخدم مصلحة الطرفين.وعن أبرز الملفات التي يمكن أن تناقش خلال زيارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما للمملكة قال الدكتور الخثلان إنها ستكون حول القضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي بشكل عام وأمن الخليج العربي إضافة إلى الأزمة الاقتصادية العالمية.واعرب الدكتور الخثلان عن اعتقاده أن الطرفين سوف يبحثان ما يحمله الرئيس باراك أوباما والتي أعلن عنها مؤخراً بخصوص حل يؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية.وأضاف: من الواضح أن ملف القضية الفلسطينية هو من أكثر الملفات التي تختلف فيها الرياض وواشنطن، ففي حين تؤكد المملكة على حل شامل وعادل يستند إلى المبادرة العربية للسلام والشرعية الدولية، نجد أن الإدارة الأمريكية تقدم مقترحات لا تحقق الحل الشامل والعادل لأنها في الغالب تراعي وبشكل مبالغ فيه المصالح الإسرائيلية، ورغم ما أظهره الرئيس باراك أوباما من حرص وجدية على الوصول إلى حل فإنني – والحديث للخثلان - أعتقد أن إدارته لن تتجاوز كثيراً ما سبق طرحه من الإدارة السابقة، وهذا يظهر من خلال التسريبات حول خطة أوباما للسلام وما تتضمنه من أفكار حول القدس وكذلك حق اللاجئين في العودة ومسألة التطبيع الكامل بين إسرائيل والدول العربية. فعلى سبيل المثال ذكرت التسريبات أن الخطة تقترح إلغاء حق العودة للفلسطينيين وتوطينهم بدلا من ذلك في الدول العربية التي يعيشون فيها. هذه فكرة لن تجد قبولاً وأرى أن تكون مسؤولية النظر في مدى ملاءمتها محصورة بشكل واضح على الفلسطينيين بكافة توجهاتهم وعدم القبول حتى بالنظر فيها قبل وصولهم إلى موقف نهائي بشأنها، ومن المهم جداً على الدول العربية خاصة التي تتمتع بموقع قيادي ألا تتحمل تبعات مثل هذا القرار الخطير.أخيراً فعلى الرئيس أوباما أن يدرك أن مجرد بدء المفاوضات وهو ما دأبت عليه الإدارات السابقة لن يكون كافياً، خاصة مع وجود حكومة يمينية متشددة في إسرائيل.الأزمة الاقتصادية حاضرةوعن الأزمة الاقتصادية العالمية قال الدكتور الخثلان إن أهمية طرحها في المباحثات سببها مكانة المملكة في الاقتصاد العالمي كونها أكبر منتج ومصدر للنفط في العالم، ولا شك في أن النفط يمكن أن يساهم إما في تراجع الأزمة أو تعميقها خاصة في حال ارتفعت أسعاره.وعن قضايا أمن الخليج خلال المباحثات بين خادم الحرمين الشريفين والرئيس الأمريكي باراك أوباما قال الدكتور صالح الخثلان لا شك في أن هذه من القضايا المهمة وهي من القضايا الأساسية والمشتركة في العلاقة بين الدولتين.وبين ان هناك مسألتين مهمتين، المسألة الأولى هي مشروع إيران النووي، أما المسألة الثانية فهي انسحاب القوات الأمريكية من العراق العام القادم، بالنسبة لموضوع المشروع النووي الإيراني هناك اتفاق على الحيلولة دون تحول إيران إلى قوة نووية في المنطقة، وهناك كذلك اتفاق على البحث عن حل دبلوماسي للأزمة، لكن يوجد لدينا في المملكة ومنطقة الخليج بشكل عام نوع من القلق بشأن ما تطرحه الإدارة الأمريكية من أفكار حول فتح الحوار مع طهران كبديل عن المواجهة، وقال الدكتور الخثلان: نحن في المملكة بلا شك نؤيد الحوار، لكن بشرط أن لا يكون على حساب المملكة أو على حساب الخليج، وكذلك نحن في المملكة لا نشعر بالارتياح لما يتردد في واشنطن من تصريحات بشأن الاعتراف بنفوذ إيراني في المنطقة، مقابل تخلي طهران عن مساعيها النووية. وقال الدكتور الخثلان إن دول الخليج تواجه معضلة في التعامل مع المشروع النووي الإيراني، فمن جهة هي ترفض أن تصبح إيران قوة نووية لأن ذلك سيمثل تهديداً لأمنها وسيغير الميزان الاستراتيجي في الخليج بما يضر بمصالح المملكة بشكل واضح.من جهة أخرى فدول الخليج ترفض استخدام القوة العسكرية ضد إيران لكونها دولة جارة نرتبط معها بعلاقات شاملة ولا نرضى للشعب الإيراني بالأذى، إضافة إلى مخاطر العمل العسكري على المنطقة. وقال : المملكة ودول الخليج بشكل عام لم تساهم حتى الآن بشكل فاعل وجاد في تطوير الحل الدبلوماسي بالتعاون مع مجموعة الدول الست لإنهاء هذه المواجهة، و لذا تبقى فرص تصعيدها في حال فشل الحل الدبلوماسي وهو ما يحمل مخاطر على أمن المنطقة بشكل عام. أظن أن دول الخليج والمملكة بشكل خاص لديها من الأوراق الدبلوماسية والاقتصادية ما يمكنها من لعب دور ايجابي يرفع من كفاءة الحل السلمي للازمة ويحول دون الخطرين: خطر إيران كقوة نووية، و خطر الحل العسكري.واضاف : الدكتور الخثلان بالنسبة لانسحاب القوات الأمريكية من العراق فنحن في المملكة وكافة الدول العربية نرحب بانسحاب القوات الأمريكية من الأراضي العراقية، إلا أن المشكلة هي التردد العربي بشكل عام في التواصل والتحرك باتجاه العراق في فترة ما بعد الانسحاب، وهذا التردد في الحقيقة يجعل الكفة في العراق ما بعد الانسحاب تميل لصالح إيران على حساب مصالح العراق ومصالح الدول العربية.تحسين الصورة الأمريكية وعن تحسن صورة الإدارة الأمريكية بعد وصول الرئيس باراك أوباما، اكد ان واشنطن الآن أمام فرصة تاريخية لتحسين صورتها، لكن تبقى المسألة متعلقة بالسياسة الأمريكية وليس مجرد التصريحات، وقال إن الرأي العام العربي ينتظر ويترقب السياسة الأمريكية تجاه المنطقة وهل تنسجم مع ما صرح به الرئيس الأمريكي باراك أوباما من مواقف إيجابية نحو العالم العربي والإسلامي، إذا تبنت واشنطن سياسات ايجابية تجاه المنطقة فلا شك في أن الصورة تتحسن، ولكن إذا كانت المسألة مجرد تصريحات وتعليقات فإنها سوف تترك أثرا ظرفيا سينتهي سريعاً.أوباما لا يملك مشروعا سياسيامن جهته أكد فيصل بن محمد العليوي المعيد في قسم العلوم السياسية بجامعة الملك سعود انه ليس لدى أوباما مشروع للسياسة الخارجية الأمريكية، ربما يعود ذلك لأكثر من سبب أهمها التداعيات الداخلية الاقتصادية والاجتماعية التي فرضتها الأزمة المالية العالمية على الولايات المتحدة الأمريكية وانشغاله بها، إضافة إلى استعادته في بعض خطاباته السياسية لشخصية الأستاذ الجامعي وحديثه بنوايا حسنة عن العدل والسلام واحترام الأديان وثقافات الشعوب، مما يجعله يتناقض مع منطق العلاقات الدولية والأهداف العليا لسياسة الدول العظمى كالولايات المتحدة.وأوضح العليوي أن زيارة أوباما للمملكة ومصر ستتناول قضيتين رئيستيين هما : قضية الصراع العربي الإسرائيلي، وقضية النفوذ الإيراني المتزايد في منطقة الخليج العربي الحليف الاستراتيجي للولايات المتحدة الأمريكية. وأردف العليوي : القضية الأولى سيحاول أوباما فهم تصورات المملكة ومصر حول الصراع العربي الإسرائيلي على أساس حل الدولتين، وحدود المرونة العربية تجاه إسرائيل، ولكنه سيضطر إذا ما تبنى سياسة معتدلة تأخذ بحقوق الفلسطينيين بمواجهة نفوذ (إيباك) في المجتمع والسياسة الأمريكية، وحكومة متطرفة في إسرائيل، وهو ما لا يستطيع أوباما تحمل أعبائه سياسياً رغم ما يتبدى لديه من نوايا حسنة تجاه قضايا المنطقة. وقال: أما القضية الثانية فهي اختيار أوباما زيارة دولتين تتمتعان بمكانة متميزة في العالمين العربي والإسلامي، والذي يعني رغبته تحسين صورة الولايات المتحدة الأمريكية في العالم الإسلامي إثر التشوّهات التي أحدثتها سياسة بوش تجاه العالم الإسلامي .