حوار ـ عبدالعزيزالبدر

2200 مليون ريال لبناء ميناء رأس الزور الخاص بمشاريع التعدين لدعم الاقتصاد الوطني

تعد الموانئ السعودية أول قطاع حكومي يخصص جزء كبير من مرافقه حيث بدأت عملية تخصيص جميع المحطات والارصفة والمعدات منذ عام 1417هـ بإسناد تلك الأعمال للقطاع الخاص ونتج عنه إبرام سبعة وعشرين عقدا بين المؤسسة العامة للموانئ والقطاع الخاص.. وقال الرئيس العام للمؤسسة العامة للموانئ الدكتور خالد بوبشيت في لقاء لـ «اليوم» ان ميناء رأس الزور هو أحدث منظومة الموانئ السعودية اذ يعتبر الميناء التاسع في هذه المنظومة والذي يكتسب أهميته من الموقع الذي سيقام عليه المشروع لقربه من المدينة الصناعية التعدينية ومشاريع التعدين من الالمنيوم والفوسفات ويحظى هذا المشروع بأولوية خاصة من الدولة باعتباره مرفقا اساسيا للصناعات التعدينية.وتطرق د. خالد بوبشيت الى العديد من المواضيع المتعلقة بالموانئ وتطويرها مركزا على تطوير الكوادر البشرية حيث اعدت المؤسسة برنامجا لتأهيل جيل جديد من الكفاءات من خلال الدورات التدريبية الداخلية وايفاد عدد من الشباب في الجامعات الداخلية والخارجية.. واضاف ان هناك ازديادا مطردا في اعمال المناولة بالموانئ السعودية التي يجري العمل على زيادة طاقتها الاستيعابية لمواجهة الزيادة في الطلب على أعمال المناولة. * تردد مؤخرا تخصيص عدد من الجهات الحكومية ومنها الموانئ ماذا تم بهذا الشأن؟ ـ جميع المحطات والأرصفة والمعدات في الموانئ السعودية تم تخصيصها منذ عام 1417هـ وهي بذلك تعتبر أول قطاع حكومي يتم تخصيص خدماته في المملكة، وكلنا يذكر الأمر السامي الكريم رقم 7/ب/16941، الذي صدر بتاريخ 6/11/1417هـ والذي قضى بإسناد جميع أعمال تشغيل وصيانة وادارة الارصفة والمعدات التابعة للموانئ الى القطاع الخاص بأسلوب التأجير في منافسة عامة، والذي نتج عنه ابرام 27 عقدا مع هذا القطاع لتشغيل وادارة وصيانة الارصفة والمحطات والتجهيزات البحرية في جميع موانئ المملكة.لكن تطبيق برنامج التخصيص في الموانئ يتطلب بالضرورة اعادة هيكلة المؤسسة العامة للموانئ ونظامها بما يتناغم مع طبيعة العلاقة التي نشأت بين الموانئ والقطاع الخاص، ولذلك هناك جهود تبذل لتحويل المؤسسة العامة للموانئ الى هيئة عامة ذات استقلال مالي واداري وتعمل على أسس تجارية، حتى يتسنى لها مسايرة التطورات المتلاحقة في صناعة النقل البحري، والتفاعل مع كافة المستجدات التي تطرأ في هذا المجال مستقبلا. * ميناء الزور أحد وأهم وأحدث الموانئ السعودية نأمل اعطاء نبذة عن هذا المشروع الحيوي. ـ يعتبر ميناء رأس الزور الميناء التاسع في منظومة الموانئ السعودية، والذي تحظى المؤسسة العامة للموانئ بشرف الاشراف عليها، ويقع الميناء الجديد على ساحل الخليج العربي بالمنطقة الشرقية ويبعد حوالي 80 كيلو مترا شمال مدينة الجبيل، ويكتسب الميناء أهميته من أهمية الموقع الذي سيقام عليه المشروع فهو قريب من المدينة الصناعية التعدينية ومشاريع التعدين من الألومنيوم والفوسفات في تلك المنطقة، ويحظى هذا المشروع بأولوية خاصة من الدولة باعتباره مرفقا أساسيا للصناعات التعدينية والصناعات المرتبطة بها التي تتبناها الدولة كداعم للاقتصاد الوطني.وتبلغ تكلفة انشاء الميناء الاجمالية حوالي 586 مليون دولار، اي أكثر من مليارين ومائتي مليون ريال سعودي، وتشمل الاعمال التصميمية والهندسية وأعمال الانشاء والتوريد واعمال التجريف وميناء التبريد وغيرها من تمهيد ورصف الطرق والبنية التحتية للميناء الجديد الذي يضم ثلاثة أرصفة رئيسة ورصيفا رابعا للخدمات المساندة، وتبلغ مدة تنفيذ المشروع ثلاثين شهرا من تاريخ التوقيع، ولقد تمت ترسية هذا العقد على شركة صينية بعد أن تم طرحه في مناقصة عامة تقدم لها العديد من الشركات العالمية المتخصصة.ومما لا شك فيه ان مثل هذا الاقبال من قبل الشركات العالمية والتنافس فيما بينها للظفر بتنفيذ المشروعات المختلفة في المملكة انما يعود للثقل السياسي والاقتصادي الذي تحظى به المملكة على الصعيد الدولي، والمناخ الآمن للعمل والاستثمار الذي ينعم به كل من يحط على اراضيها.وأود أن أشير الى ان هذا المشروع والمشروعات الاقتصادية العملاقة التي يجري تنفيذها في المملكة حاليا بتوجيهات مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز (حفظهما الله) ستحقـق للدولة عوائد اقتصادية واجتماعية عديدة وسيتلمس المواطن فائدتها في المدى المنظور بمشيئة الله تعالى. * هناك اتجاه لدى المؤسسة بتأهيل جيل جديد لإدارة الموانئ .. ماذا اتخذتم حيال ذلك ؟ـ كما تعلم ان طبيعة أعمال الموانئ تتسم بالخصوصية ويتطلب العمل فيها كوادر فنية متخصصة، وفي ظل النقص الحاد الذي يشهده سوق العمل في اعداد المتخصصين في كافة المجالات البحرية وصعوبة توفير هذه الفئات من الموظفين لعدم وجود كليات ومعاهد متخصصة في الدراسات البحرية، اتخذت المؤسسة العامة للموانئ بعض الاجراءات المهمة لتدعيم كادرها الوظيفي بتلك التخصصات وذلك بتفعيل مركز التدريب في ميناء الملك عبدالعزيز بالدمام عن طريق القطاع الخاص لتقديم برامج ودورات تدريبية متخصصة في كافة الاعمال والتخصصات البحرية التي تحتاج اليها الموانئ السعودية والتوجه نحو ابتعاث عدد من السعوديين للدراسة في الخارج للغرض نفسه.كما ان قسم الدراسات البحرية الذي تم انشاؤه في كلية علوم البحار بجامعة الملك عبدالعزيز سينتج عنه تخريج كوادر متخصصة في المجال البحري ستسد احتياجات سوق العمل من التخصصات البحرية المختلفة، حيث يجري تدريب طلاب هذا القسم على الوحدات البحرية وأجهزة ومعدات الموانئ البحرية، وتقديم وتوفير الدعم الفني لهم وادماج الخريجين للعمل في مجالات تخصصهم.وفي السياق نفسه حرصت المؤسسة العامة للموانئ على أن تتضمن النسخة الثانية من عقود الاسناد التجاري التي بدأ العمل بها مطلع العام الحالي التزامات تعاقدية على القطاع الخاص لتوظيف كافة العمالة السعودية العاملة في المحطة وتحديد حد أدنى للرواتب والبدلات، كما تتضمن تلك للعقود ولأول مرة بندا الزاميا ينص على ايفاد عدد من السعوديين للدراسة والتدريب في احدى الجامعات أو المعاهد المتخصصة المعترف بها سواء داخل المملكة أو خارجها بما لا يقل عن 5 متدربين سنويا تنتهي بشهادة علمية متخصصة، والتزام آخر بتمكين موظفي الادارة العليا بالمحطة من المشاركة في المؤتمرات والندوات والمعارض الدولية المتخصصة في مجال الموانئ والنقل البحري. ومن شأن هذه الاجراءات ان تساهم في تأهيل عدد كبير من منسوبي المؤسسة والموانئ وتدعيم الكادر الوظيفي بكفاءات وطنية متخصصة. * ما دور المؤسسة في ادارة أو الاشراف على ميناء رابغ؟ ـ بكل صراحة لم تتحدد حتى اليوم معالم الدور الذي ستقوم به المؤسسة العامة للموانئ سواء في الادارة أو الاشراف على ميناء رابغ، وهناك قنوات اتصال قائمة بين الهيئة العامة للاستثمار ووزارة النقل والمؤسسة العامة للموانئ للتنسيق حيال هذا الأمر، ولا أود الخوض في التفاصيل حتى اكتمال الرؤية واتضاح الصورة بهذا الخصوص وسيتم الافصاح عن النتائج التي يتم التوصل اليها في حينها.. ولكن أود الاشارة الى ان ميناء رابغ التابع لمدينة الملك عبدالله الاقتصادية يعتبر مكملا لمنظومة الموانئ السعودية لدعم الاقتصاد السعودي القوي. * هل هناك خدمات جديدة ستقدمها المؤسسة للمتعاملين من القطاع الخاص مع الموانئ وما أبرز هذه الخدمات ؟ ـ تتكامل الخدمات التي تقدمها الموانئ السعودية لجميع المتعاملين معها سواء كانت هذه الخدمات أساسية مثل أعمال الشحن والتفريغ والتخزين والأعمال البحرية اللازمة للسفن، أم كانت هذه الخدمات لوجستية مساندة مثل تزويد السفن بالوقود، أعمال الصيانة والاصلاح للسفن في الورش التابعة للموانئ، توفير البنية الأساسية لخدمات النقل والتوزيع وكذلك تقديم خدمات جمع النفايات البترولية المحافظة على البيئة البحرية، وتبسيط وتسهيل الاجراءات وغيرها، ولا ننسى الخدمات التي تقدم للتجارة الدولية العابرة (المسافنة).ومما لاشك فيه أن توافر كل هذه المقومات في الموانئ السعودية جعلها تقف في مصاف الموانئ العالمية الاخرى، بل وتحتل مواقع متقدمة في الترتيب العالمي للموانئ البحرية الأكثر تنظيما وتطبيقا للأنظمة والتعليمات التي تصدرها المنظمات الدولية.وبما ان ارصفة ومحطات الموانئ تدار اليوم بواسطة القطاع الخاص، وقد قدمت الدولة لهذا القطاع العديد من التسهيلات للعمل والاستثمار في الموانئ، حيث سلّمت لهم موانئ جاهزة للتشغيل تتميز ومواقعها الجغرافية الاستراتيجية وتكتسب اهمية كبرى على ساحة التجارة الدولية وتضم محطات متكاملة التجهيزات والمرافق، فإن عليهم العمل على تطويرها وتحديثها وفقا للمتغيرات والمستجدات التي تطرأ بين الحين والآخر على صناعة النقل البحري، وتقديم كل ما هو جديد في هذا المجال، وتقوم المؤسسة العامة للموانئ بدور مهم لتحقيق هذا الهدف بمتابعة اداء مشغلي المحطات والزامهم بإدخال كل الخدمات الجديدة التي تبرز على الساحة أو التي تتطلب الحاجة اضافتها لجذب المزيد من حركة التجارة البحرية.* تحوّل عدد من المستوردين الى ميناء البحرين بحجة ان تكاليف المناولة وكذلك الاجراءات أقل وأسهل .. ما تعليقكم ؟ـ لا يمكن الجزم بحدوث ذلك من قبل المستوردين في المملكة، وان كان حدث مثل هذا الامر، فيمكن ان تكون حالات فردية ولأسباب أخرى لا تتعلق بتكاليف المناولة أو الاجراءات المتبعة، وأود التوضيح ان ميناء الملك عبدالعزيز بالدمام المجاور لميناء البحرين، استقبل خلال العام الماضي 1.1 مليون حاوية نمطية، بنسبة تصل الى 72 بالمائة من الطاقة الاستيعابية المتاحة لديه في مجال مناولة الحاويات والتي تبلغ 1.5 مليون حاوية قياسية سنويا، وهو ما يعني ان الطلب على خدمات الميناء في تزايد، ولذلك هناك اتجاه لرفع قدراته الاستيعابية لتصل الى 4 ملايين حاوية قياسية سنويا، وكذا الحال بالنسبة لميناء الجبيل التجاري الذي يتوقع له أن يستقبل حوالي 1.3 مليون حاوية خللال السنوات القليلة القادمة. وخلال الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري 2008 بلغ عدد الحاويات المناولة في ميناء الملك عبدالعزيز بالدمام 918.890 حاوية بنسبة زيادة 16 بالمائة لنفس الفترة من العام الماضي.* هل المؤسسة تعمل لزيادة معدل المناولة اذ تعتبر متدنية نسبة الى ما نعيشه حاليا من طفرة اقتصادية ؟ـ ترتكز خطة عمل المؤسسة في المرحلة المقبلة على زيادة الطاقة الاستيعابية للموانئ في مجال مناولة الحاويات لمواجهة الزيادة المتوقعة على خدماتها خلال السنوات القادمة بعدما وصلت أعداد الحاويات القياسية المناولة في ميناء جدة الاسلامي خلال عام 2007م الى 3.2 مليون حاوية قياسية، أي بنسبة 91 بالمائة من اجمالي الطاقة الاستيعابية المتاحة والتي تقدر بحوالي 3.5 مليون حاوية قياسية موزعة بين محطة الحاويات الجنوبية ومحطة الحاويات الشمالية.. والوضع لا يختلف كثيرا في ميناء الملك عبدالعزيز بالدمام، كما اسلفت في الاجابة عن السؤال السابق.وفي ظل هذه المعدلات المرتفعة لنسب الاشغال في محطات الحاويات، بدأت المؤسسة في تنفيذ خطتها التوسعية حيث يجري العمل حاليا على انشاء محطة ثالثة جديدة بنظام BOT بطاقة استيعابية تصل الى 1.5 مليون حاوية قياسية، ومن المتوقع أن تكون جاهزة للعمل خلال العامين القادمين وستصبح الطاقة الاجمالية المتاحة في ميناء جدة الاسلامي بعد انشاء محطة الحاويات ومنطقة اعادة التصدير، وبعد اضافة ثلاثة أرصفة الى محطة الحاويات الشمالية 5.5 مليون حاوية قياسية سنويا.* تسعى المؤسسة لتسويق اعمالها اقليميا ودوليا، لماذا لا تصدر نشرة تساهم في ذلك التسويق ؟ـ تتضمن جميع عقود الاسناد التجاري بنودا ثابتة لتسويق خدمات الموانئ وبمبالغ محددة بحدها الأدنى دون سقف أعلى. وتشتمل على أعمال التسويق المبرمجة أو المستجدة التي تضعها الجهة المشرفة على أعمال التسويق بالمؤسسة وذلك بالتنسيق مع المقاول، هذا بخلاف التسويق لأعمال المحطة التي يحرص المقاول على القيام بها من تلقاء نفسه، وبالفعل هناك نشرات خاصة بالتسويق تصدرها الشركات العاملة في الموانئ بشكل دائم تحتوي على جميع المعلومات اللازمة والخدمات التي تقدمها المحطة، ومعلومات أخرى عن الميناء وأهميته وموقعه والتسهيلات التي يقدمها للمتعاملين معه.وتحرص المؤسسة العامة للموانئ على المشاركة في جميع المؤتمرات والمؤتمرات العالمية الخاصة بالملاحة البحرية، وتحث الشركات السعودية على المشاركة في المعارض المصاحبة لها لإلقاء الضوء على الخدمات التي تقدمها موانئنا البحرية لخطوط الملاحة العالمية، وهذه الآليات تعد من أفضل الوسائل للتسويق والترويج للموانئ السعودية في المحافل الدولية.