د.محمد العرب


في عالم يجتاحه مرض الترديد الأعمى للمصطلحات الموروثة دون فهم أو تدقيق أو استيعاب، عالم يستنسخ نفسه ظاهريا وتسويقيا وأن ادعى غير ذلك، لينتج فوضى انتشار المعلومات الخاطئة والمنقوصة والممسوخة وآفة الفهم الضحل للمفاهيم، هذا التواتر الأعمى يضعف قدرتنا الجامعة على التفكير النقدي واتخاذ القرارات المفصلية، لذا، يجب تحفيز المجتمع على استطلاع ودراسة المصطلحات حتى نحافظ على دقة المعرفة وفهمنا العميق.
التفكير خارج الصندوق مصطلح يعبر عن القدرة على التفكير بطرق غير تقليدية واستكشاف حلول جديدة للمشاكل والتحديات، لكن أحيانا عندما نفكر خارج الصندوق نجد أنفسنا في غياهب متاهات التأويل، حيث تصبح الأفكار معقدة وصعبة الفهم، لذا، من الضروري أن نجد التوازن المناسب بين التفكير الإبداعي والتحليلي، حتى لا ننهك قوانا الفكرية في دوامة الأفكار التي لا ينتج عنها نتائج منطقية ملموسة، إن توجيه التفكير الإبداعي نحو أهداف واضحة ومحددة يمكن أن يساعد في تفادي الانغماس الزائد في متاهات التأويل.
عندما نمارس أسلوب التفكير خارج الصندوق بشكل مدروس ، ننطلق بعيدًا عن الحدود المفروضة والقيود المعتادة ونبتكر أفكارًا جديدة ونكتشف طرقا مبتكرة لحل المشاكل التي تواجهنا، هذا النوع من التفكير يساعدنا على توسيع آفاقنا وتحفيز إبداعنا ويساعدنا في تحقيق النجاح والتميز.. لكن علينا أن نستوعب أن التفكير خارج الصندوق يتطلب قبول التحدي والتجربة والتغيير، لأن هذا الأسلوب يحثنا على التفكير بشكل مختلف، وعلى رؤية الأمور من زوايا مختلفة ويشجعنا على استكشاف الجوانب غير المعتادة وتجاوز الحدود التقليدية للفكرة وآليات التخطيط، شخصيا أعتقد أنه في عالم تتسارع وتتغير فيه التكنولوجيا والابتكار بمعدل لا يمكن توقعه، يصبح التفكير خارج الصندوق أكثر أهمية من أي وقت مضى، إذ يمكن لهذا النوع من التفكير أن يحدث تغييرات جذرية وثورية في مختلف المجالات، سواء في مجال الأعمال، أو التكنولوجيا، أو حتى في المجتمع.
لذا، دعونا نحث أنفسنا لإستكشاف إمكانياتنا الإبداعية الكامنة والعمل على تطويرها وخوض تجربة تكاملية مع المجتمع لنكن مبدعين في كل ما نقوم به، ولنجد حلا لكل تحدي يعترض طريقنا، وقبل ان نخوض التجربة علينا أن تكون مستعدين للتحدي وتحمل والمخاطر، ولا نقيد ذواتنا بالقيود على مستوى الفكرة والمعالجات.
ختاما يجب الانتباه إلى بعض العيوب التي تصاحب طريقة التفكير خارج الصندوق، وأولها الانغماس الزائد في أفكار معقدة وعدم القدرة على الإفلات من قيود الفكرة، وسجن زاوية النظر إلى الفكرة، وتحدي إدارة الوقت وعدم اهداره في محاولات فك طلاسم الأفكار غير الناضجة، وعدم تحقيق التوازن بين الإبداع والواقعية، واهمال تقيم صعوبة قبول الأفكار الجديدة أو عدم جدوى طرحها حاليا، فبعض الأفكار نجاحها يتطلب تأجيلها، وتذكروا أن العالم يفتح أبوابه للذين يفكرون خارج الصندوق، والتفكير المبتكر يصنع الفرص التي لا تُرى بالعين المجردة، فقط عندما تفتح عقلك لأفاق جديدة، تكتشف أن الحلول الإبداعية ممكنة وتنتظرك..!
@malarab1