د. شلاش الضبعان يكتب:

قرأت في كتاب «المستطرف في كل فن مستظرف» قولاً جميلاً للفضيل بن عياض - رحمه الله -، الذي لقّب بعابد الحرمين، ووصفه الذهبي بالإمام القدوة الثبت شيخ الإسلام، حيث سئل: عمّن يترك الطيبات من اللحم والخبيص للزهد، فقال: ما للزهد وأكل الخبيص؟ ليتك تأكل وتتقي الله، إن الله لا يكره أن تأكل الحلال إذا اتقيت الحرام، انظر كيف برك بوالديك وصلتك للرحم، وكيف عطفك على الجار، وكيف رحمتك للمسلمين، وكيف كظمك للغيظ، وكيف عفوك عمن ظلمك، وكيف إحسانك إلى من أساء إليك، وكيف صبرك واحتمالك للأذى، أنت إلى إحكام هذا أحوج من ترك الخبيص.

أعتقد أن هناك مشكلة موجودة في كل زمان ومكان لدى البعض، تحتاج إلى مراجعة وإعادة نظر، خصوصاً أن صاحبها يملك القدرة والإرادة والطموح، فاستطاع ضبط شيء ولكن غابت عنه أشياء.

الآن تجد مديراً يتشدد في أمور، فيقرب من أجلها ويبعد، بينما هو يغض الطرف عن أمور أهم، مثلاً التشدد في الدوام بدون متابعة إنتاجية الموظف أمر يحتاج إلى مراجعة وحرص على الدوام والإنتاجية، فلا فائدة من دوام بلا إنتاجية، ولا يمكن أن تكون إنتاجية بلا دوام، ولذلك فالموظف المتميز حقيقة هو من يتكامل لديه هذان الأمران وعلى هذا يجب أن يُتابع ويُكرّم.

وأيضاً تجد بعض الأبناء والبنات يهتمون بنوعية الجوال وموديل السيارة ودرجة المطعم أو الكوفي الذي يزورنه من أجل التصوير، بينما هو لم يقدم شيئاً في ميادين العطاء الحقيقية، ومثله من يصور مع يد والدته أو والده في مواقع التواصل الاجتماعي ويكتب عبارات الحب والتقدير، ولكن عندما تسأل الأم أو الأب عن حال الابن أو البنت لا تجد ما يسر، من ناحية الأهم وهو البر والطاعة وجلب الفخر لهما من خلال النجاح الذي يرفع رؤوسهما عالياً.

كذلك بعض المربين والمربيات يركز لدى أولاده على الأمور الشكلية والمظاهر الخارجية، بينما يهمل ما يجلب لهم النجاح في دنياهم وآخرتهم.

ومثل هذا في تعاملنا مع شركائنا، ندقق على جزء صغير ونترك الأهم والأكبر الذي يقدمونه لنا.

باختصار: نحن بحاجة ماسة لترتيب أولوياتنا والبداية بالأهم فالمهم، ولا ننشغل بالتوافه، هذا هو طريق النجاح الحقيقي.