د. شلاش الضبعان يكتب:

تقول إحدى قريباتي إنها احتاجت للذهاب إلى مكان معيّن، فطلبت سائقًا من أحد التطبيقات، جاء السائق وركبت معه، وذهبت إلى المكان الذي تريد، وبعد أن انتهت من المشوار، كان المطلوب 50 ريالًا، بحثت ولم تجد معها، فقالت للسائق: هل من الممكن أن أحوّل لك المبلغ؟ قال: لا مشكلة! وأعطاها حسابه.

أثناء التحويل بدلًا من أن تحوّل الخمسين حوَّلت بطريق الخطأ 5000 ريال، وعندما عادت وجدت الخصم من حسابها 5000 ريال، وهنا وردت عليها كل الوساوس، فمَن الذي يُعيد لها مبلغ الـ5000 ريال في هذا الزمن؟!

بحثت عن رقم الشاب ووجدته بعد جهد، وعندما اتصلت عليه ردَّ عليها مباشرة: أنتِ التي حوَّلتِ لي الخمسة آلاف ريال؟ وأكمل: لقد استغربتُ أولًا ممّن حوَّل هذا المبلغ وأخذتُ أبحث، وبعد أن تذكّرت تحويلك، لم أجد رقمك عندي، أرسلي حسابك بالله. أرسلت حسابها فحوَّل لها المبلغ المتبقي كاملًا.

من عرف مجتمعنا حق المعرفة، لا يستغرب مثل هذه القصة، فهي نقطة في بحر مكارم مجتمع تربّى ويتربّى على عقيدة نقية تربطه بخالقه، صباح مساءً بلا واسطة، وتُشعره بقرب مولاه منه «وهو معكم أينما كنتم»، وقيم عظيمة يتوارثها كابرًا عن كابر، تحث على كل مكرمة وتشوِّه كل تصرُّف لا يليق، وفي هذا تتكاتف الأسرة التي تضع البذرة وترعاها، وكل مولود يولد على الفطرة، وتأثير الأبوين كبير، كما أخبر المصطفى «صلى الله عليه وآله وسلم»، والمدرسة التي تدعم وترسّخ بجهود المعلمين والمعلمات الذين أخذوا التعليم كرسالة قبل أن يكون وظيفة، ودور بيوت الله التي لا يغيب عنها المصلون خمس مرات يوميًّا في مجتمعنا، بالإضافة إلى خطبة الجمعة التي تبني وتؤثر أسبوعيًّا، والعائلة والقبيلة التي ترسخ في أبنائها المحافظة على مكارمها وسُمعتها التي بناها أوائلها، وعلى الأبناء أن يسيروا على ما سار عليه الآباء.

بقي أن ينضم المشاركون في مواقع التواصل الاجتماعي في ترسيخ قيم مجتمعهم، وألا يكونوا معاول في هدمها، وبقي ألا نترك الفرصة للمتشائمين في مجالسنا الواقعية والافتراضية الذين يتفننون في نشر السوداوية بالتركيز على الأحداث السلبية وتضخيمها، ومع أنه لا يخلو مجتمع –حتى المجتمعات الفاضلة- من وجود السلبيات إلا أنهم يبالغون ويضخّمون كثيرًا.

شدّوا على أيدي شبابكم وسيروا معهم بمجتمع يستحق أن يقود العالم للمكانة التي يستحقها، فبشبابنا نفخر ونفاخر.

@shlash2020