سالم اليامي يكتب:@salemalyami

ربما يتذكر معي أحد من السادة القراء المثل الشعبي المصري الذي يقول: «ياما جاب الغراب لأمه»، والمعنى الأولي ينصرف إلى فهم أن هذا الطائر كثيرا ما يجلب لأمه الأشياء. ولكن المعنى المتواري خلف كلمات هذا المثل يشير إلى أن هذا الطائر فعلا يجلب أشياء كثيرة لعشه، أو لأمه لكن هذه الأشياء إن لم تكن عديمة الفائدة فهي تشكل عبئا على مساحة العش أو المكان الذي تجلب إليه. هذه البداية والحديث عن الغراب دفعني له في الواقع مقطع قصير مصور لغراب ينزع علم دولة إسرائيل من على السارية ويلقي به أرضا. الملايين ربما شاهدوا ذلك المقطع القصير عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وعبر بعض الفضائيات التي لم تغفل الأمر، لكنها لم تقدم تفسيره، أو ما تعتقده حول هذا السلوك للغراب. في علم السياسة ليس هناك شيء يعرف بالسلوك السياسي للحيوانات، أو الطيور، ولكن في علم النفس، وحسب معرفتي المتواضعة ومعلوماتي المحدودة، يصنفون كل ما يصدر عن الكائن الحي بأنه سلوك. بمعنى أن تصرف الطيور سلوك، ويذهب البعض إلى أبعد من ذلك في اعتقادهم بأن كل سلوك وراءه دافع أو هدف ما. بمعنى أن المدرسة السلوكية تقول إجمالا كل السلوكيات مسببة في الغالب، والسلوك هو ما يصدر عن الكائنات الحية فقط بما يعني الإنسان والحيوان. نعود لموضوع الغراب والعلم الذي ألقي به على الأرض، أبرز رأيين تم الاستماع إليهما في خضم موجة الاهتمام بالصورة، رأي ذهب إلى أن المقطع القصير مفبرك، أي أنه غير حقيقي، وأجهزة التصوير والمونتاج اليوم متطورة لدرجة أنه يمكن للمحترفين تصميم مشهد مثل الذي شاهده الملايين. ويقول أصحاب هذا الرأي إن مجرد ترويج ذلك المقطع المصور يعكس حالة من العجز الذهني وربما الواقعي لدى قطاع كبير ممن يناصبون دولة إسرائيل العداء لأنهم ببساطة غير قادرين فعليا، وعمليا على مقارعتها. الرأي الثاني رأى أن المقطع حقيقي، وأنه ربما يعكس رسالة جديدة من الطائر الذي أرسله الله يوما ليعلم البشر كيف يدفنون موتاهم، وهو اليوم أي الغراب يعود للناس بدرس جديد فحواه أنه يجب إسقاط تلك الدولة التي قذف بعلمها على الأرض، أو أن تلك الدولة ربما على وشك السقوط، أو حتى التحلل والزوال. إذا سلمنا بالرأي الثاني فيجب أن نسأل أنفسنا لمن هذه الرسالة هل هي للفلسطينيين أم للعرب، أم للبشر كما كانت الرسالة الأولى؟