سديم القرني

تتسارع تقنيات التكنولوجيا لتحدث لنا ثورة هائلة بطلها الذكاء الاصطناعي، كيان جديد فَرض نفسه وأصبحنا نجده في مجالات الحياة اليومية المختلفة، طائرة تعمل دون طيار، وسيارة تعمل دون سائق، وأجهزة منزلية تعمل دون عاملة منزل، بل ومقالات تُكتب دون كاتب، فقط بعض الكلمات المفتاحية أصبحت تكفي، ليحل بذلك الذكاء الاصطناعي محل العقل البشرى، بل ويتجاوز الأمر في بعض الأحيان الذكاء البشري، أصبح التنافس في العصر الحالي ليس بين السلع والخدمات، ولكن بين التفكير الإنساني والتفكير اللا إنساني.

قدرة غير طبيعية تُحدث طفرة عالمية غير مسبوقة ربما تؤثر قريبًا جدًا في مجال الاقتصاد العالمي وتكون خُطى ثابتة تُحرك ركب خطط التنمية الشاملة التي يسعى العالم جاهدًا إلى إنجاحها والوصول إليها، ولكن يتبادر إلى الأذهان تساؤل هام عن مدى احتمالية سلبية ما يحدث على من يتخلف عن اللحاق بتلك الثورة، والإجابة بالطبع؛ تتمثل واضحة في الآية التاسعة من سورة الزمر «قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون»، هل يستوي الذي يتعلم ويكتسب المهارات الرقمية ومهارات الثورة الصناعية الرابعة مع الذي يُصر على أن يبقى ثابتًا محله يدور في دائرته المفرغة فلا يجد طلبًا على اللا علم واللا معرفة التي تتوافق ومهاراته المحدودة؟!!.

لا شك أن كل تطور يحدث في العالم يلزمه تطور آخر في سوق العمل، ويتطلب تطورا في مهارات الفرد وفي قيمته العلمية، وكل سباق يحتاج إلى عداء قوي قادر على اللحاق بأقرانه ليتبع الشريحة التي يستحقها ماديا وأدبيا ومعنويا، لذلك علينا جميعا أن نتحول بقدر ما حدث من تحولات عالمية وأن نعيد هيكلة ذواتنا، حتى نتمكن من الوصول إلى المكانة التي يستوجب علينا جميعا أن نصل إليها لنرتقي وترتقي بنا مجتمعاتنا لتحقق ما تصبو إليه من تنمية شاملة، فمستقبل بلادنا يستحق ولحاقنا بالتطور التكنولوجي الهائل والثورة الصناعية الرابعة يحتاج إلى قوة سواعد أبناء هذه الأمة.

علينا أن نفيق من الجمود وأن ننظم مسيرتنا القادمة، وأن نتبع نهج الدول المتقدمة، فماذا ينقصنا سوى الإصرار والتحدي والإسراع دون تباطؤ نحو الغد القادم الذي يفتح أبوابه فقط للابتكار والمنافسة والتطور الذي سوف يفتح أسواق عمل جديدة تخص الذكاء الاصطناعي والروبوت وتطبيقات الإنترنت وتكنولوجيا الواقع المعزز والتجارة الرقمية وغيرها من الوظائف غير التقليدية التي تحتاج إلى مزيد من الجهد ومزيد من التعلم ومزيد من امتلاك المعرفة، وأنت الذي سوف يحدد مصيره القادم، فإما أن تكون أو لن تكون.