د. شلاش الضبعان يكتب:

عندما يناصح البعض عن أخطائه التي لا تكاد تتوقف في حق نفسه ومن حوله، تجده يرد بكل أدب وتواضع: ادعُ لي يا شيخ، ادعُ لي يا شيخ!

كلنا بحاجة لدعوات إخواننا، ولكن الاتكال على ذلك واحتقار النفس مشكلة كبيرة، فما الذي يمنع الإنسان من تقوية إرادته والتوجه لربه وسؤاله، فليس بين الله وبين أحد من خلقه واسطة، وهو القائل «جل جلاله»: «وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان، فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون»، بل كلما زادت أخطاء الإنسان توجّه لربه بانكسار أكبر، وكان ذلك أدعى للإجابة.

كتب رجلٌ إلى الفاروق عمر بن الخطاب «رضي الله عنه»: فادع الله لي، كتب إليه عمر: إني لست بنبي، ولكن إذا أُقيمت الصلاة فاستغفر لذنبك، وحدث مثل ذلك مع الصحابي الجليل حذيفة بن اليمان «رضي الله عنه» عندما طُلب منه الدعاء.

الواجب ربط قلوبنا وقلوب أولادنا وطلابنا ومَن نحب بالخالق الرحيم، والكريم المنان ربطاً متيناً ودائماً، فبابه «جل شأنه» مفتوح للسائلين ورحمته تسع العالمين، وفرحه عظيم بتوبة التائبين، ونحن في أيام عظيمة وليالٍ فاضلة، وفيها ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر، ووقت الإفطار الذي فيه دعوة لا تُرد، والناس يسهرون ويصلون في الثلث الأخير من الليل، وهو الوقت الذي ينزل فيه العزيز الجبار إلى السماء الدنيا، فينادي خلقه أجمعين: أنا الملك أنا الملك من ذا الذي يدعوني فأستجيب له، من ذا الذي يسألني فأعطيه، من ذا الذي يستغفرني فأغفر له.

لذلك وجّهوا وجوهكم إليه، لا إلى خلقه، واحرصوا على دعاء الله أكثر من حرصكم على الطلب من غيركم دعاءه.

وأختم بطرفة تدور حول هذا الموضوع تقول: بعد أن أنهى الطالب درسه مع شيخه سلَّم عليه لينصرف، وقال له: شيخي ادعي لي.

فقال له الشيخ: ذكّرني لأدعو لك، فذهب الطالب ولم يفهم مراد الأستاذ، وفي الدرس التالي فعل مثلما فعل في الدرس السابق، وقال له الشيخ مثلما قال له في المرة السابقة، بعد أكثر من مرة، قال الطالب: يا شيخي أنا أذكّرك دائمًا، فقال له الشيخ: لا، أنت لا تذكّرني بل تؤنّثني تقول «ادعي لي»، وأنا أقول لك ذكّرني وعندها سأدعو لك.

بالتذكير أو التأنيث تذكّر أنك أحرص على نفسك وتوجّه لربك.

@shlash2020