خالد العبيد@khalid_ahmed_o

لا أحد في هذا البلد الشامخ، المملكة العربية السعودية، ينسي يوم الخميس 11 مارس 1937م، اليوم الذي أصدر فيه الملك عبدالعزيز «طيَّب الله ثراه» أمره بالموافقة على قرار مجلس الشورى رقم «354»، الذي أقرّ فيه مقاس العَلَم السعودي، وشكله الذي نراه اليوم، بعد رحلة امتدت لثلاثة قرون، توارثته فيها الدولة السعودية في أطوارها المختلفة، كما كان هذا العَلَم شاهدًا على حملات توحيد البلاد، ومن هنا، نصّ الأمر الملكي الذي أصدره الملك سلمان بن عبدالعزيز على «أنه يكون يوم 11 مارس من كل عام يومًا خاصًّا بالعَلَم باسم (يوم العَلم).

العَلَم السعودي عَلم له تفرُّده وله تقديره، فهو يعكس عُمق الدولة السعودية، ويجسِّد هويتها، ويُمثّل القيم والمبادئ التي قامت عليها، وحسب المصادر التاريخية، فإن العَلم السعودي منذ عهد الإمام محمد بن سعود كان أخضر مشغولًا من الخز (ما يُنسج من صوف وحرير)، والإبريسم (الحرير الخام)، تتوسطه كلمة التوحيد « لا إله إلا الله محمد رسول الله»، ورغم الظروف التي مرَّت بها الدولة خلال تلك السنوات والتحديات، كان آل سعود «يحملون الراية السعودية ولا يتخلون عنها»، كما يؤكد ذلك المؤرخ السعودي عبدالرحمن الرويشد، الذي يضيف: «وقف الأبطال الصناديد يذودون عن العَلم بدمائهم وأرواحهم حتى لا يسقط أو يُهان، فهو رمز الشعوب والأمم والأوطان.. وكان نظامه وتنسيقه وتحديد مكوناته تتوارث بشكل عرفي».

من هنا كانت هذه العلاقة الوثيقة والمترابطة بين الإنسان السعودي وأرضه وقيادته علاقة عميقة وممتدة الجذور، مترابطة بقوة وموثوقية، عملت قيادة البلاد بمسؤولياتها على معرفة احتياجات الإنسان في هذه الأرض، وعاداته وتقاليده ومتطلبات وجوده، فحملت مشروعه، وسعَتْ إلى تحقيقه، ثم إن انتماء الأسرة الحاكمة لأرض الجزيرة العربية، وتمسّكها بمبادئ الشريعة الإسلامية، ومحافظتها على القِيَم والشمائل العربية جعلها دومًا تضع مبدأ السيادة فوق كل اعتبار؛ لذا لم تخضع دولتنا المجيدة على مرّ تاريخها، لسلطة مركزية أجنبية، أو خضعت لأي استعمار، مهما كان، ولذا كانت رايتها عالية دومًا، فهي تحمل رمز الجلالة.

وعلى مر التاريخ، ومنذ قيام المملكة، ظل العَلم السعودي ولا يزال خفّاقًا عاليًا، له دلالات خاصة عميقة وفردية تميّزه عما سواه، حيث يمثل الأركان الأساسية للعقيدة والوطن، ويدل على البيئة والأرض، وعلى الوحدة التي تمثلها المملكة العربية السعودية للجزيرة العربية.

وإيمانًا من حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وولي عهده، بما يشكّله العَلم من أهمية بالغة بوصفه مظهرًا من مظاهر الدولة السعودية وقوتها وسيادتها، ورمزًا للتلاحم والائتلاف والوحدة الوطنية، صدر في 1 مارس الجاري 2023م، أمر ملكي كريم يقضي بأن يكون يوم 11 مارس من كل عام يومًا خاصًّا بالعَلم، باسم (يوم العلم)؛ لكون يوم 27 من ذي الحجة 1355هـ، الموافق 11 مارس 1937م، هو اليوم الذي أقرّ فيه الملك عبدالعزيز العَلم بشكله الذي نراه اليوم يرفرف بدلالاته العظيمة التي تشير إلى التوحيد والعدل والقوة والنماء والرخاء.

حفظ الله وطننا الحبيب، ومليكنا المفدّى، وولي عهده الأمين ذخرًا لشعبنا، ويظل عَلمنا مرفوعًا دومًا وأبدًا.