عبدالكريم الفالحkarimalfaleh @

••• في أول ليلة لنا في مدينة سان دييغو بولاية كاليفورنيا الأمريكية، كان الظلام والجوع والعطش والتعب أسياد الموقف.

إذا خرجت من منزلك ليلا في أمريكا تكون قد دخلت في ظلام دامس.

وصلنا من نيويورك مساء ونحن جوعى، فالخطوط الجوية الأمريكية التي استقليناها من نيويورك لا تقدم طعاما بل مكسرات وبسكويت فقط ومشروبات للبيع لا نقبلها!!

دخلنا شقتنا في الحي الراقي لاهويا حوالي الساعة العاشرة مساء. فرَّغنا حقائبنا، وعندما انتهينا كانت الساعة تقترب من الحادية عشرة إلا الربع، وكان لا بد من الخروج للبحث عن طعام يسد جوعنا لأننا لم نكن قد اقتنينا هواتف بأرقام أمريكية حتى نطلب طعاما من أحد تطبيقات الأكل أو سيارة أجرة، ولم نستأجر سيارة بعد.

••• خرجت من المنزل والظلام يلف المكان. في أمريكا لا وجود لمصابيح في الشوارع.

مرت سيارة وأنا أسير في الشارع. أشرت لها فلم تتوقف. من يقف لك في شارع مظلم في أمريكا؟

وتذكرت رائعة الأمير عبدالله الفيصل - رحمه الله - التي يقول أحد مقاطعها: «قل لي إلى أين المسير في ظلمة الدرب العسير».

سرت... أشرت، وفجأة... توقفت سيارة!!

السيارة كان بها رجل وسيدتان. قلت لهم إننا قادمون من نيويورك وجوعى ولا نملك أرقاما أمريكية لنطلب طعاما أو سيارة أجرة.

قالوا إن مطعما للوجبات السريعة في شارع «نوبل»، لكنه بعيد قليلا. استسمحته لو يستطيع إيصالي إلى هناك فرفض ومضى!!

تذكرت شهامة أبناء بلدي، الذين لو كنت في مكان معزول فمن الممكن أن يوصلوك إلى القمر.

••• ما زال الجوع يعتصرني، وكلما تذكرت عائلتي ازددت جوعا وحزنا.

رأيت نورا غير قريب. قررت أن ألحقه. انطلقت، وكلما ازددت قربا من النور خاب أملي، فلم يكن نور مطعم أو حتى بقالة. كان نور مكتب!!

تمنيت أن تمر سيارة أجرة. لم تمر. رأيت أربع بنات. قلت لهن هل تسمحون لي بأن تخبروني بأي مطعم قريب.

ما أن سمعن صوتي في الظلام حتى تقافزن إلى الجانب الآخر من الشارع، وتذكرت بنات بلدي اللاتي يمشين في الشوارع في الساعات الأولى من الصباح وهن يشعرن بالأمن والأمان، وقد رأيت هذا بنفسي حيث كنت أقود سيارتي يوما في الرياض فرأيت سيدة تمشي حوالي الساعة الواحدة والنصف صباحا دون خوف ولا وجل.

المهم أنني عدت إلى المنزل ونمنا على (لحوم) بطوننا!!

ظلام أمريكا ذكرني بأمان السعودية وشهامة السعوديين.

••• نهاية

عاش الأمن وعاشت النخوة في وطني.