خالد الجهاد

@khaliid1974

ما زالت المملكة العربية السعودية قادرة على أن تضيف -يومياً- عملاً جديداً يعزز مكانتها الراسخة في كافة المجالات، ثقافياً واقتصادياً وسياسياً.

ولأنني هنا بصدد الحديث عن فعل ثقافي كبير، مفعم بالدلالات والأدلة، وهو النشاط الثقافي الكبير الذي تزخر به المنطقة الشرقية في الآونة الأخيرة، بدءاً من مهرجان الكُتَّاب والقُرَّاء الذي أطلقته هيئة الأدب والنشر والترجمة بالمنطقة الشرقية يوم 23 فبراير الماضي، بكل ما قدمه من زخم ونشاط ثقافي تجاوز عشرات الفعاليات المتنوعة، وصولاً إلى «معرض الشرقية للكتاب»، والذي يقام حالياً وحتى يوم 11 مارس الجاري، ويضم أكثر من 500 دار نشر محلية وعربية ودولية، فإننا هنا لسنا أمام نشاط ثقافي عارض، أو معرض كتاب إقليمي محدود، وإنما أمام عمل ثقافي كبير، يُعنى بتحقيق أهدافٍ ورؤية، هي في حقيقتها رؤية وطن بأكمله، تتكامل فيه التفاصيل، لإنتاج لوحة عملاقة من التطور والتحضر والرقي، تمتد بمساحة المملكة المترامية الأطراف فوق خارطة جزيرة العرب.

حاولتُ بقدر المستطاع أن أرى المهرجان أو معرض الشرقية للكتاب كعمل ثقافي فقط، منبتّ الصلة عن المعنى السياسي الواسع، أو المعنى الوطني الشامل، ولكن غلبتني قناعتي بأن كل ما يحدث في المملكة الآن هو عمل «رؤيوي» متكامل لا ينفصل عن بقية الأعمال والأنشطة الكبرى التي تشهدها المملكة في مختلف المجالات.

وليس بالضرورة بطبيعة الحال أن تكون السياسة هي تلك العلاقات الخارجية فقط، وإنما أن تعمل القيادة في بلد كبير ومتنوع بحجم المملكة، على تطوير كافة تفاصيل حياة مواطنيها، بما فيها الحياة الثقافية، وفي كل المناطق بلا استثناء، وبهذا الحجم الكبير من الإنفاق والإعداد والتجهيز وتحديد الأهداف ووضوح الرؤى، هو في نهاية المطاف يعني تعزيز هوية الدولة وترسيخ مكانتها، لتكون دولة كبرى وقادرة وفاعلة ومثقفة، وهذا بلا شك يعني ويفضي إلى معنى سياسي واسع شئنا ذلك أم أبينا.

هكذا بدا لي المشهد العام للوطن، عندما لمست هذا التفاعل والزخم الكبير، على المستوى المحلي والخليجي والعربي، الذي حققه مهرجان الكُتَّاب والقُرَّاء، وما زال يحققه إلى الآن معرض الشرقية للكتاب، بكل ما يحمله من نشاط، وحضور واسع من دور النشر المحلية والعربية والدولية، ومشاركة مميزة لنخب المثقفين والكتّاب السعوديين والخليجيين والعرب والدوليين، لتعبّر المملكة كل يوم من خلال تلك الأعمال الكبرى، عن اهتمام القيادة بمفهوم الثقافة الواسع في المجتمع، ليس فقط لتصبح جزءاً من حياة المواطن، ولكن لتصبح الثقافة نمط حياة كاملاً للمواطن والمقيم، وهو أحد المحاور الاستراتيجية لرؤية المملكة 2030، والمتمثلة في بناء مجتمع حيوي، واقتصاد مزدهر، ووطن طموح.