د. يعن الله الغامدييكتب:

المخدرات من المشكلات الكبرى التي تؤرق معظم شعوب دول العالم، ومكافحتها لا تقل خطورة عن مكافحة الإرهاب، بل هي أشد فتكًا؛ لأنها تحدث الكثير من المتغيّرات النفسية والاجتماعية والاقتصادية، واللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات في بلادنا الكريمة تتمتع بالاستقلال الإداري والمالي في مقرها بالرياض، وهدفها الرئيس الحد من انتشار المخدرات بمختلف أشكالها، وهي ترتبط بشبكة من العلاقات المتكاملة بين أجهزة الدولة ذات العلاقة، كما لم تغفل في الوقت نفسه عن إعداد ودعم كوادرها المختلفة في سبيل حماية الوطن وسلامة المواطن من تلك السموم الهدَّامة.

وتشير العمليات الأمنية في المملكة بشكل دوري ومستمر إلى ذلك في تقاريرها التي تنشرها وسائل الإعلام الرسمية، بل تعدت ذلك إلى إقامة دورات ونشرات في مراكز حيوية لترويض عنفوان الشباب من جهة، وتفعيل دور الأسرة من جهة أخرى، وبالتالي الوقوف الفعلي أمام ذلك الخطر المتنامي للمخدرات الذي جاءت به الحُرمة الشرعية؛ لما يترتب عليه من جرائم قتل وزنا وسرقة وانتحار.

إن المخدرات رجس من عمل الشيطان، فكيف وتجارتها تنتشر في أكثر الأسواق العالمية السوداء، فأصبحت أموالها غير المشروعة تصل إلى المليارات، وتتحكم أحيانًا في حكومات كحكومات بعض دول أمريكا الوسطى، ومما زاد الأمر تعقيدًا أن التجارة الحرة قدّمت لتجار المخدرات فرصًا مناسبة لغسيل الأموال المهربة والمكهربة.

ولا غرابة فيما شهدته بلاد الحرمين ومهبط الوحي من الزيادة الواضحة في جدول التسلسل الإحصائي لتلك السموم، خاصة أن الموقع الجغرافي لبلادنا يشترك مع سبع دول؛ الأمر الذي انعكس على تفاعل جميع مؤسسات الدولة، سواء كانت تلك السموم كيميائية أو نباتية أو خلافها، وبالنظر إلى زيادة الاحترازات الاستباقية وتنوّع المهمات الأمنية لدينا أصبحت المملكة من أوائل دول العالم في ضبط المخدرات.

ومن المعلوم أن اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات «ولله الحمد» بعيونها الساهرة استطاعت الإطاحة بعدد كبير من المروّجين ورصدت الكثير من عمليات التهريب لتمرسها في هذا المجال فسجلت عددًا كبيرًا من الجرائم البشعة، وفي كل مرة تكتشف أنواعًا جديدة كان من آخرها وربما أشهرها مخدر الشبو، كما في اللغة الفلبينية، ومخاطره كما يقولون تفوق أصناف المواد الأخرى؛ لسرعة الإدمان عليه من أول جرعة، ولتدميره لجميع خلايا جسم الإنسان، فيحدث التشوّهات البشعة، ويدعو إلى الشيخوخة المبكرة.

ومما سبق، وكما رأينا، فإن الجميع يتقاسمون المسؤولية لحماية أبنائنا وبناتنا من هذه الآفة، بداية من البيت والأسرة، وانتهاء بالمدرسة والمجتمع، ومن يستخدم تلك السموم للهروب من مشاكله فهو جبان، فالصحة تاج والعقل سراج.

@yan1433