عبدالله العزمان يكتب:@azmani21

تأخذنا الحياة بطبيعتها نحو منعطفات يصعب علينا في بعض الأحيان أن نجاريها، كل الشعور بالإرهاق والتوتر الشديد أو الإحباط أحيانًا أخرى، وعند ذلك قد تظهر علينا بوادر من عدم الاتزان النفسي.

ولعدم الشعور بالتوازن مؤشرات، منها التوقف عن النشاط اليومي، أو عدم الرغبة في إنجاز المهام المختلفة أو الانعزال، توقف الشهية، فإن كانت لفترة زمنية بسيطة اعتبر ذلك طبيعيًا، ولكن المشكلة عندما تستمر لفترة طويلة، وهو ما يستدعي زيارة المرء لمختص نفسي.

وتكمن الخطورة في عدم التوازن النفسي، أن الإنسان قد لا يلاحظ ذلك، ولا يشعر بأثره، ولكنه يظهر عيانًا للقريبين منه، كالزوجة أو الأبناء أو الرفقاء أو زملاء العمل، بحيث يصبح المرء شديد الحساسية، وتصبح ردود أفعاله مبالغًا فيها، وقد ذكر لي أحد الزملاء كيف عانت أسرتهم من تغيّر شخصية والده بعد أن فقد وظيفته، فبعد أن كان هادئًا، أصبح يثور لأتفه الأسباب، ولا يستطيع أحد أن يتبادل معه طرفًا من حديث.

ونعني هنا بالتوازن النفسي حالة من الاستقرار النفسي الداخلي، مقابل التكاليف الحياتية المختلفة، فيشعر معها بالرضا التام؛ لذا فليس طبيعيًا أن يعمل الإنسان دون راحة؛ لأن ذلك سيؤدي إلى انهيار جزئي أو كلي؛ لذا تجد أن قلب الإنسان على سبيل المثال، وهو الجهاز الذي إذا توقف عن العمل ما تصاحبه، يرتاح خلال لحظة المد (الانبساط) بين تقلصين، حيث تبلغ مدة النبضة الواحدة 0.4 ثانية، وعليه فالجسم بحاجة للراحة والاسترخاء ليكون قادرًا على العطاء.

ولكي ننعَم بحياة متوازنة، علينا أن نهتم بالروح والجسد على حدٍّ سواء، فالروح بحاجة إلى معين رباني تطمئن له وترتاح؛ لذا كان يقول «عليه الصلاة والسلام»: (يا بلالُ أقمِ الصلاةَ، أرِحْنا بها)، وكذلك لقراءة القرآن والحرص على أذكار الصباح والمساء دور كبير في طمأنينة النفس وراحتها، وعلى الجانب الجسدي، ترتبط ممارسة الرياضة بتحسين الحالة النفسية للإنسان؛ لترابط الحالتين الجسدية والنفسية، فعندما تتغيَّر الحالة النفسية للإنسان تنخفض إثر ذلك قدرة الجهاز المناعي لديه؛ مما يؤدي إلى تحوُّلها إلى آلام جسدية.

ختامًا، الحياة مليئة بالمفاجآت والمنعطفات المختلفة، ونحن لا نستطيع أن نتحكم فيها، ولكننا نستطيع أن نتحكم في ردود أفعالنا تجاهها، فلنستعِن بالله، ونوطّد أنفسنا على تقبّلها لتطيب لنا الحياة، ولننعَم بها.

قال إليا أبو ماضي:

عبء على الحياة ثقيل من يظنّ الحياة عبئًا ثقيلًا

والذي نفسه بغير جمال لا يرى في الوجود شيئًا جميلًا

ليس أشقى مّمن يرى العيش مرًّا ويظنّ اللّذات فيه فضولًا

أحكم النّاس في الحياة أناس علَّلوها فأحسنوا التّعليلا