سامي الجاسم

ما بين أن تكون فعالا ومؤثرا فيمن حولك، وبين أن تكون متفرجا فقط، فوارق واختلافات قد تجعلك في الأمام وقد تعيدك للخلف، حيث يمكنك أن تصنع الفرق لنفسك، أو أن تكتفي بالفرجة وأنت مقتنع أن هذا هو حد طموحك، وأمنياتك ورغباتك.

يرضى الكثيرون بدور المتفرج الذي لا يرغب بالمشاركة، أو التدخل، أو إبداء الرأي، أو حتى المساهمة في المواقف، أو الأحداث، ويرون أن هذه الفرجة قد تحميهم من الإشكاليات، أو الوقوع في الخطأ، وتقنن أعمالهم، ولا تزيد عليهم الأعباء، فالبعد عن الأضواء والاكتفاء بالظل أمر مريح، ولا يجلب المتاعب أو الجهد أو الاجتهاد، بل الاكتفاء بالجلوس في الأماكن الجانبية، والبعد عن التأثير فهو يجعلهم مقبولين أكثر بين المحيطين والقريبين منهم.

مع أن هذه النظرة ضعيفة وسلبية وقاتمة، ولا تتوافق مع الرغبة الطبيعية في النفس البشرية بالنهوض والتميز.

وقد تقيد تلك السلبية والفرجة الطموح والهمم، وتقنن الرغبات التي تملأ نفسك، ونفوس المحيطين بك، حينما لا يتوازى هذا الفعل مع الرغبة العالية في إحداث إنجازات مختلفة تسجل حضورك المميز.

بينما لا يرغب المؤثرون في الفرجة، فتجد لهم اجتهادا وعملا وفرقا يجعلهم في المقدمة، ويجعل ما يقومون به محل الإشادة والتقدير ممن حولهم، فقد توافق طموحهم الكبير مع همم المحيطين بهم، وسعى الجميع لخلق روح جديدة، يتسيدها العمل والمنجز الذي لا ينسى.

لا يرضى المؤثرون بالإحباط الذي يغرسه المتفرجون فيهم لأنه يقتل طموحهم، ويميت الروح الوثابة التي تميزهم وقد يتعذر بعض المتفرجبن أنهم كسبوا راحة البال، وأن مثل هذه النظريات السلبية صنعت مجدا لغيرهم، وهم لا يدركون أن هذا المجد وإن تحقق فهو مجد مزيف أو مؤقت.

بينما وصل المثابرون المؤثرون لمجدهم الحقيقي، لصنع عمل يبقى، وتأثير يمتد، ووجود لا ينتهي.

فالفروق التي تصنع اختلافا جوهريا، يجب أن نراعيها، ويجب أن ننهج السلوك والتصرف الذي يجعلنا ننقل أنفسنا والمحيطين بنا نقلة نوعية، تذكر وتمجد ولا تنسى.

المواقف الحقيقية هي من تصنع وجودك، وبين أن تكون مؤثرا ومتفرجا قرار تملكه بيدك، وإمكانيات تسخرها لنفسك، فكن أنت صاحب القرار، والشخص المؤثر الذي لا يكتفي بالفرجة، بل يصنع التغير الحقيقي في حياته، وحياة وإرادة ومواقف من حوله.

samialjasim1