د. لمياء البراهيم@DrLalibrahim

الفساد معطل للتنمية، ودائما في كل نظام هناك ثغرات قد يستغلها المفسدون لمصالحهم الشخصية ما لم تتحقق الرقابة على تطبيق الأنظمة والسياسات من خلال لوائح تنفيذية وإجراءات، وهذا ما سعت له المملكة ضمن الإصلاحات الإدارية التي يقودها سيدي سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان في الحرب على الفساد ورسم خطوطها في الرؤية الوطنية 2030. فمن مسببات الفساد:

• عدم وجود حوكمة للقوانين والأنظمة.

• ضعف أجهزة الرقابة الداخلية.

• غياب قواعد العمل ومدونات السلوك الوظيفي.

• ضعف أجهزة الدولة الرقابية وغياب المساءلة.

• ضعف الوازع الديني والأخلاقي.

مصطلح الحوكمة ظهر كأداة للإصلاح الإداري على القطاع المالي والشركات، وامتد ليشمل القطاع اللاربحي والقطاع العام كحل لتفعيل دور الجهات الرقابية والمنظمات الدولية، ولمشكلة تعارض المصالح بين أصحاب المصلحة وكذلك كممهد للخصخصة.

وعندما نعود لأصل الحوكمة أو الحاكمية فهي مصطلح جديد في اللغة العربية من ترجمة للكلمة الإنجليزية (governance) التي تعني مراقبة نشاط المؤسسات بجميع أقسامها والقائمين عليها وقياس ذلك بالأهداف المرسومة. ويعود أصلها إلى الإغريق حيث تعبر عن قدرة ربان السفينة ومهاراته في قيادة السفينة إلى بر الأمان نتيجة ما يملكه من حس ومهارة في المحافظة على أرواح وممتلكات الركاب.

ويرتبط مصطلح الحوكمة بمصطلح آخر مرتبط به وهو مصطلح الترشيد والذي يعني حسن التقدير للصواب والحق، والاعتدال في الإنفاق والاستهلاك والاستخدام السليم لجميع الموارد المتاحة وكذلك بالإصلاح الإداري.

برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ((UNDP) عرف الحوكمة بأنها ممارسة السلطة السياسية والاقتصادية والإدارية، على جميع المستويات وتشمل الآليات والعمليات التي من خلالها يقوم المواطنون والمجموعات بممارسة حقوقهم القانونية ويوفون بالتزاماتهم.

بينما معهد المدققين الداخلي الأمريكي حدد حوكمة القطاع العام بأنها السياسات والإجراءات المستخدمة لتوجيه أنشطة المؤسسة الحكومية والتأكد من تحقيق أهدافها وإنجاز العمليات بأسلوب أخلاقي ومسؤول.

الحوكمة تستند إلى 4 أركان هي العدل والشفافية والاستقلالية والمساءلة وفي القطاع العام فهي تهدف إلى ما يلي:

• تعزيز مبدأ النزاهة والشفافية في استخدام السلطة وإدارة المال العام.

• تعزيز المساءلة لإدارة الموارد بالشكل المثالي.

• تعزيز ثقة المواطنين وأصحاب العلاقة والقطاع الخاص.

• تحسين العمليات الإدارية وتحقيق التميز المؤسسي.

• تحسين الخدمات المقدمة للأفراد وزيادة نسبة رضاهم عن تلك الخدمات.

• تحقيق مبدأ المساءلة للدوائر والمؤسسات الحكومية وموظفيها والالتزام بالقوانين والأنظمة.

• تحقيق تكافؤ الفرص بين الموظفين والمواطنين وأصحاب العلاقة.

• رفع مستوى القدرة التنافسية للمملكة وتحسين القدرة على التكيف مع متغيرات البيئة الخارجية.

• تحقيق مستوى من الكفاءة والفاعلية والمشاركة لدى الأفراد والمؤسسات لخلق بيئة اجتماعية محفزة على الإبداع.

ويقاس أثر الحوكمة عندما يتحقق مبدأ النزاهة والعدل والشفافية في استخدام السلطة وإدارة المال العام وموارد الدولة والحد من استغلال السلطة لأغراض خاصة وشخصية من خلال تفعيل مبدأ المحاسبة والمساءلة للمؤسسات الحكومية وموظفيها والالتزام بالقوانين والأنظمة والتشريعات الحكومية والعمل على تحقيق الأهداف الإستراتيجية المحددة والمرسومة وتحقيق الاستقرار المالي للمؤسسات الحكومية والرقابة عليها، وتحقيق ثقافة المساءلة والشفافية وإيجاد أسس لتحديد المسؤوليات وقياس النتائج عن طريق المتابعة والتقييم بشكل مستمر.

وبذلك يحارب الفساد بكافة أشكاله وممارساته ويؤكد الاستخدام الأمثل للموارد المتاحة وتحقيق الحماية اللازمة لأملاك الدولة والملكية العامة مع مراعاة مصالح الأطراف ذات العلاقة من خلال العمل على تحقيق الأهداف الإستراتيجية الوطنية حسب رؤية 2030 وتحقيق الاستقرار المالي والإداري لمؤسسات الدولة والتي ستزيد نسبة رضا المواطنين عن الخدمات المقدمة لهم وثقتهم بالسلطة التشريعية والتنفيذية.