سالم اليامي يكتب:salemalyami @

هناك عبارة استنكارية تتردد بين الشباب والمراهقين، هي عبارة «وين عايشين»، وتقال عندما يستغرب أحدهم سلوكا أو تصرفا وينكره، فيطلق هذه العبارة التي تعني أن المكان وناسه ليسوا من أهل الصنعة، أو السلوك الذي يتم إنكاره. تذكرت هذه العبارة وأنا استمع إلى أحاديث زميل عزيز عن ظاهرة المعبرين والمفسرين للأحلام، الذين ضاق بهم الفضاء الإلكتروني التواصلي، وانتقلوا من شاشات الفضائيات التي استخدموها بعض الوقت، ثم صدرت توجيهات بمنع أغلبهم من الظهور في تلك الفضائيات التي بعضها تخصص في تفسير أحلام المشاهدين والمشاهدات، وطبعا الأمر يتم من خلال تحقيق القناة والمفسر لعوائد مادية، القناة تمتص ما في جيوب السائل أو السائلة، حيث إن المكالمات ذات ثمن غال، والمفسر أو المعبر يتقاضى أجرا على ظهوره في القنوات. في الفترة التي تم فيها المنع لظهور المفسرين أظهر عدد من الناس ومن المختصين في العقيدة والفقه ارتياحا كبيرا؛ لأن هناك التفافة لحماية الناس من تخمينات وتوقعات يقدمها هذا المفسر أو ذاك، تخيب مرات وتصدق مرة، وبالتالي تمثل إعلانا للمفسر. من القصص العجيبة التي كادت تطيح بأسر وحياة مستقرة لبعض العائلات، أن أحد المفسرين قال لمتصل رجل سأل عن حلم له، بأنه يعني أن الرجل سيتزوج قريبا، وكان السائل المنكوب متزوجا ورب أسرة، وعندما طرح سؤاله ذاك كان يجلس في صالون منزله هو وأطفاله وزوجته، المهم أن الزوجة لم تبت ليلتها إلا في بيت أهلها، ولم تعد إلى زوجها وأسرتها إلا بعد أن فسر لها ذات الحلم مفسر آخر بأنه يشير إلى أن من حلم سيرزق بمولود ذكر. يرى البعض أن المفسرين يعاودون الانتشار من جديد عبر تطبيقات التواصل الاجتماعي، خصوصا التيك توك، والسناب والواتس آب. ويقال أكثر من ذلك إن هناك مجموعات تفسير أحلام ينخرط فيها المشتركون برسم شهري! بمعنى أن التكسب من هذه المهنة ليس له ضوابط ولا توصيف مستمر. ويقال في الغالب إن من يمارسون هذه المهنة يعتمدون على التخمين وربط الأحداث ببعض معاني الآيات القرآنية الكريمة ومعاني المفردات والمعاني المضادة لها. وإنهم يكثرون، ويرى البعض أن هذه ظاهرة غريبة قد تشي بأن الناس مولعون بمحاولة حب التعرف على الأحلام والعيش في أوهام التفسير، بعيدا عن الحياة. ونقل لي أحد الأصدقاء أن إحدى قريباته سألت عن تفسير حلم لها فجاءها الرد من أحد المفسرين بأن تكون أكثر حرصا على نفسها، لأن محيطها القريب يكيد لها مما قلب حياتها وأسرتها إلى جحيم، القصص كثيرة حول هذه الظاهرة، ولعل الوقت يسمح بمعاودة بحث الموضوع من جديد.