عبدالكريم الفالح

أمارس يوميا النظر إلى عيني حبيبتي... أستمد منهما الحياة... أراقب الأرض، ويحتويني البقاء.

الورود تجول في عالمي حين أرى العسل المقيم في عينيها.

وإذا عدت للنظر إليها، رأيت عوالم أخرى غير التي رأيتها في المرة السابقة، وهو ما يحدث لي وللكتاب الآخرين وكل شيء تعيد قراءته كالعيون والوجوه والقلوب أيضا.

- لكن كيف ترى القلوب؟

من خلال وجوههم وكلماتهم.

قال القاضي أستاذ العلماء البلغاء عبد الرحيم البيساني وهو يعتذر إلى العماد الأصفهاني عن كلام استدركه عليه:

«إنه قد وقع لي شيء وما أدري أوقع لك أم لا؟ وها أنا أخبرك به، وذلك إني رأيت أنه لا يكتب أحد كتابا في يومه إلا قال في غده: لو غير هذا لكان أحسن، ولو زيد هذا لكان يستحسن، ولو قدم هذا لكان أفضل، ولو ترك هذا لكان أجمل. وهذا أعظم العبر، وهو دليل على استيلاء النقص على جملة البشر».

- البيساني، المعروف بالقاضي الفاضل أحد الأئمة الكتاب، ووزير صلاح الدين الأيوبي. قال فيه صلاح الدين «لا تظنوا أني فتحت البلاد بالعساكر إنما فتحتها بقلم القاضي الفاضل»، وفي رواية «لا تظنوا أني ملكت البلاد بسيوفكم بل بقلم القاضي الفاضل».

والتغيير سنة الحياة، فلو بنى أحدنا مبنى لقال في نفسه بعد انتهائه ليتني غيرت هنا وبدلت هناك ووضعت هذا، وكم من مقال كتبته ثم أعدت قراءته إلا وغيرت فيه وبدلت ترتيب الفقرات، وأحيانا أهدمه!!

- الكتاب الذين يقرأون هذا المقال سيهزون رؤوسهم بالموافقة على ما كتبت، والمهندسون سيوافقون والشعراء والنقاد، ورؤساء ومديرو التحرير والمحررون، وكل من يهز قلمه أو «الكيبورد» ليكتب.

ولا يمكننا ألا نعيد قراءة ما كتبناه حتى لا نعيد تغييره لأن الكاتب يسعى إلى تطوير مقاله، فيكتب فقرة ثم يعدل فيها، وأحيانا يلغيها ويسطر أخرى، كما أفعل مع عيون حبيبتي التي أقرأها ثم أكتبها في قلبي وأراها مرة أخرى فأعدل الكتابة!!!

• نهاية

سبحان من خلق العيون وأبدعا

فتحدث الطرف الكحيل وأسمعا

ألقت على صدري الخلي تحية

غمزا فهزت ركنه وتصدعا

د. فهد الشظي الزهراني

@karimalfaleh