د. إبراهيم عبدالله المطرف

تمثل «الإثنينية» لنا في المنطقة الشرقية مناسبة أسبوعية يحييها سمو أمير المنطقة، ويحضرها مواطنون من مختلف المكونات والشرائح الاجتماعية، من علماء الدين والفكر، ورجالات الدولة، والأكاديميا والأعمال والثقافة والإعلام وغيرهم، في خطوة سنها أصحاب السمو أمراء المنطقة، الأمير محمد بن فهد بن عبدالعزيز، والأمير سعود بن نايف بن عبدالعزيز. وتجيء «الإثنينية» منسجمة جدًا مع «عرف» متجذر فينا نحن السعوديين، متمثلا في لقاءات ولاة الأمر بالمواطنين.

لقد انتهج المؤسس يرحمه الله بنهج الشورى أساسا في إدارة شؤون بلاده، وجسد ذلك النهج بلقاءات مستمرة بالمواطنين، منطلقا من مبادئ سامية نبيلة، هي الشورى والتناصح والصدق، انتهجها يرحمه الله بفكر عميق ونظر صائب لمختلف أمور بلاده وشؤونها.

وأخذ ولاة الأمر، من بعد عبدالعزيز بن عبدالرحمن، طيب الله ثراه، من ذلك النهج مسلكا ساروا عليه من خلال لقاءات متواصلة بالمواطنين، لقاءات أطلق عليها في المنطقة الشرقية مسمى «الإثنينية»، وذلك في سعي للمحافظة على التواصل بين المسؤول والمواطن، وذلك لما له من دور في تعزيز اللحمة وقيم الترابط والتلاحم.

ونجده لزاما التنويه هنا بأن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، سلمه الله، انتهج ومنذ أن كان أميرًا للرياض سياسة المؤسس، يرحمه الله، من خلال ما سمي بسياسة الباب المفتوح، فمجلسه، أمد الله في عمره، عامر ومفتوح للمواطنين، يستمع لآرائهم، ويقضي حاجات المثقلين بالهموم منهم، ويعالج مشكلاتهم.



وقد جاءت إثنينية إمارة المنطقة الشرقية الأسبوعية - التي تحظى برعاية وحضور من لدن سمو أمير المنطقة الأمير سعود بن نايف، وبمشاركات من لدن سمو نائبه الأمير أحمد بن فهد بن سلمان - جاءت لتؤكد سياسة الباب المفتوح، التي تبنتها القيادات السعودية المتتابعة عبر عقود من الزمن، بدءًا باحتضانها من لدن المؤسس، غفر الله له، ومرورا بأبنائه البررة، يرحمهم الله، وحتى الساعة.

وقد دأب سمو أمير المنطقة، يحفظه الله، على خلق مناخ مليء بالأريحية للإثنينية، وما يدور خلالها من حديث يهم الوطن والقيادة والمواطن. وشملت الفترة الماضية من الإثنينية طرح الكثير من الموضوعات، التي ساهم بعض الحضور في المداخلة حولها. وقد تشرفت بالحضور في عدد من تلك الأمسيات، التي كانت غنية بالطرح والمداخلة، وبحديث سموه حولها والمداخلات عنها في ختام الأمسية. وقد رعى سمو أمير المنطقة خلال أمسيته الأسبوعية عبر سنوات الكثير من المناشط التي تسهم في تعزيز المواطنة، وسنعطي في التالي أمثلة لذلك.

فبعد عودة الحياة إلى طبيعتها في ضوء انحسار جائحة الكورونا، هنأ سمو الأمير حضور الإثنينية بعودة اللقاءات والتجمعات، مثمنا تعاون ووعي المواطنين والمقيمين التي ساعدت على تطبيق الإجراءات الاحترازية، ومنوها في الوقت نفسه بما قدمته القيادة الحكيمة من جهود في التعامل مع الجائحة، والتي نتج عنها السيطرة على أعداد الإصابات والحد من ارتفاعها، في ظل تميز مشهود للمنظومة الصحية.

وتكريما للأحساء وأهلها بمناسبة اختيارها كموقع تراث عالمي، استقبل سمو الأمير في جلسته الأسبوعية الفريق المشارك في المشروع، وأكد سموه خلال اللقاء، أنه رغم أن الإنسان الأحسائي قد تنقل بين الشرق والغرب، إلا أنه بقي دوما معتزا بموروثه، وأن سموه على ثقة بأن الإنسان الأحسائي سيكون الداعم الأول لإبقاء واحة الأحساء موقعا تراثيا عالميا.

كما رعى سموه في مجلس الإثنينية جائزة عطاء ووفاء، التي كرم من خلالها جيل الثمانينيات من الرياضيين، مقدرا ما قدموه من خدمة للوطن، برفع رايته في المحافل الرياضية المحلية والعالمية ومقدرا الجائزة باعتبارها إحدى المبادرات المجتمعية الهامة.

ومن جهة ثانية، احتضن سموه في الإثنينية تكريم الفائزين بجائزة السائق المثالي، وعبر سموه عن سعادته بما تحقق من انخفاض ملحوظ في عدد الحوادث والإصابات المرورية، مشيدا بدور رجال المرور الذين يباشرون الإشراف على السلامة المرورية، ومؤكدا في الوقت نفسه على حقيقة أن الأنظمة المرورية أصبحت أنظمة معلنة، ما يسهل التعرف عليها والعمل بموجبها.

وعادة ما يبارك سمو الأمير للحضور ما يصدر من أوامر ملكية، وخاصة تلك الأوامر التي تمس المواطن بشكل مباشر، كقرارات توفير السكن، وصرف المكافآت لأصحاب الدخل المنخفض، ودعم الجمعيات، والمعسرين، والأندية الثقافية والرياضية وغيرها.

وبمناسبة مرور عشر سنوات على حملة «عليكم بسنتي» احتفل سموه في أمسيته الأسبوعية بتدشين النسخة العاشرة من الحملة، مؤكدًا حرص المملكة منذ تأسيسها على الالتزام بتعاليم الدين الإسلامي، وما ورد في السنة النبوية، ومنها شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، التي يعمل بها في هذه البلاد الطاهرة في كل مناحي الحياة.

وفي إثنينية خصصها سموه للإعلام والإعلاميين، أكد خلال استقبالهم على أن للإعلام والإعلاميين مشاركات مثمرة في دعم التنمية، وأنهم شركاء لنا، نسعد بآرائهم ومقترحاتهم، ومؤكدا سموه في الوقت نفسه، على أهمية أن يحرص الإعلاميون على نقل المعلومة الصحيحة.

واحتفالًا بالانتهاء من تطوير وسط العوامية، دشن سمو الأمير المشروع في الإثنينية، وبحضور وفد ممثل بشرائح مجتمعية من أهالي العوامية، وفي أمسية مثلت لسموه سعادة غامرة بأن أصبحت العوامية رافدا سياحيا وثقافيا وتجاريا، في ضوء أن العوامية تمثل مصدر إشعاع وفكر، حيث فيها المهندس والكاتب والطبيب والمفكر والمخترع، كما جاء على لسان سموه الكريم.

وتشرفت بأن كنت من بين حضور إثنينية العشرين من يونيو الماضي، وهي أمسية كرم سموه خلالها أمانة المنطقة الشرقية على إنجازاتها، الإنجازات التي كان من بين أهمها فعالية تتعلق «بالشراكة المجتمعية» كانت قد نظمت في مدينة الخبر، بمشاركة ثماني عشرة أمانة من مناطق المملكة، ساهمت مشتركة في إنجاح ورش العمل المتخصصة في ممارسات المشاركات المجتمعية التي شملتها الفعالية التي استفاد منها الكثيرون. ولقد جاء الحديث حول الشراكة المجتمعية في تلك الأمسية ثريا وممتعا، سواء ما طرحه سموه أو ما جاءت به المداخلات. وانتهز فرصة الإشارة لتلك الفعالية، لتقديم التهنئة لمعالي أمين المنطقة الشرقية المهندس فهد الجبير، على اختيار الأمانة الموفق والمهني، لعنوان تواصل حضاري مجتمعي حيوي.

واحتفالا بيوم التأسيس، أكد سمو الأمير أنه يأتي اعتزازا بالجذور الراسخة للدولة المباركة، واستذكارا للعلاقة بين المواطن والقيادة منذ ثلاثة قرون، وإنه يوم يتجلى فيه الحرص والاهتمام على تخليد تاريخ الوطن للأجيال الحالية والمستقبلية.

وأختم بالقول إن الجميع سعداء بعودة «الإثنينية» كما كانت قبل الجائحة، فقد عبر سمو الأمير مرارا عن بالغ سعادته بعودة الإثنينية، ومن جهة أخرى، فإن أهالي المنطقة أيضا سعداء وبلا حدود لعودة الإثنينية، تأكيدا على تكريس هذه العادة الاجتماعية النبيلة، التي تعودوا على أمسياتها الحضارية في محتواها وتنظيمها.

شكرا لسمو الأمير سعود بن نايف، وشكرا لسمو نائبه، على كل ما يقدمانه للمنطقة وأهلها من خدمات جليلة، بارك الله لنا فيهما، وبارك لنا في أهل المنطقة بمكوناتهم وشرائحهم المجتمعية.

وشكرا لإدارة العلاقات العامة والمراسم في إمارة المنطقة الشرقية، التي لا يفوتنا أن نشيد هنا بجهودها التنظيمية للإثنينية وبدورها المراسيمي المميز، ناهيك عن الحفاوة والرقي في التعامل مع ضيوف الإثنينية. ونجده من المناسب التنويه عن دور الإدارة في الإشراف على البرامج والفعاليات التي تكون الإمارة طرفا فيها داخل وخارج المنطقة، ويأتي من بين أهمها الإشراف على جناح الإمارة في حفل الجنادرية بكل تميز ودقة.

وفق الله الجميع لخدمة هذه المنطقة العزيزة على قلوبنا، لتأخذ مكانتها المأمولة، معلما بارزًا في كافة المجالات وعلى كل الأصعدة، وإلى مزيد من لقاءات مجلس سمو الأمير الأسبوعي بإذن الله، وبمشاركات مجتمعية رحبة، تسودها «الألفة» ويغلفها «الإخاء».