عبدالله الزبدة

هناك فئة من الناس تدعي أنها على علم ودراية في جميع أمور الحياة سواء كانت في الأمور الاجتماعية أو الصحية والرياضية والسياسية، وفي المقابل هناك من سمح لهذه الفئة من الناس بالخوض في أمورهم الشخصية، وهم الاتكاليون المعتمدون على الآخرين في حل مشاكلهم، ورضوا بتدخل الآخرين في شؤونهم مما دفع الفضوليين إلى الخوض في الخصوصية دون مراعاة، فتجدهم يثرثرون كثيرا ويخوضون فيما لا يعنيهم ويتكلمون بسبب أو دون سبب، يمتلكون دوافع مكبوتة، مثل الحاجة إلى التقدير الاجتماعي والانتماء ويشعرون بالفشل والنقص، يحاولون فرض حاجتهم على الآخرين ولا يستطيعون التمييز بين الأشياء التي ينتمون إليها والأشياء التي ينتمي إليها الآخرون فهم يمتلكون رغبة غير شعورية بالتفوق والسيطرة على الآخرين فالبعض يسمحون للآخرين بالتدخل في شؤونهم والاعتماد عليهم في حل مشاكلهم وقضاياهم نتيجة فقدان الأمن النفسي.

فليس كل من يقدم لك النصيحة بناصح، فالبعض يقدم لك النصيحة في الأمور التي تتعلق بشخصيته وأخلاقه وأسلوبه، ويجبرك على أخذها والعمل بها، فربما لا يتناسب الموقف لهذه النصيحة، وتكون لها تداعياتها وانعكاساتها غير المتوقعة، وبدلا من أن تصلح، تتسبب بجفوة وقطيعة ثم تضع نفسك في موقف لا تحسد عليه ومن الأفضل أن تقاوم رغبتك في النصح والوصاية والتفكر في أسباب الظنون السيئة ولفهمك الخاطئ، فكم من نصيحة أظهرت سرا وأخرى كشفت مستورا، وكم ناصح أكثر على الناس فلم يقيموا له وزنا ولم يفتحوا له قلبا، والبعض يحاول معرفة كل شيء ويتدخل في حياة الغير من باب النصح وتتبع شؤونهم والكشف عن خصوصياتهم والاعتقاد ببعض النظريات التي تسمح لأصحابها بالتطفل، وبما أن الإنسان كائن فضولي بطبعه فيرغب في معرفة ما يدور خلف الأبواب المغلقة وما يكمن خلف الجدران، فالبعض يحاول أن يفرض نصيحته ويخيل للآخرين أنه فوق النصيحة أو أنه تجاوز مرحلة استقبالها، فهو يعتبرها من المستحيل في قاموسه الشخصي وتعكس مدى تعاليه عن سماعها فضلا عن طلبها، وفي الحقيقة ما من شيء أسهل من إلقاء النصيحة وما من شيء أصعب من تقيد صاحبها بها، والبعض يعين نفسه وصيا على الناس، فهذه الأيام لم يعد البعض يتقبلون ذهنية الوصاية والوعظ.

وأخيرا.... قبل أن تفكر في تقديم النصيحة عليك التفكير بطريقة الحل، وقبل ذلك قيم نفسك هل أنت على علم بطرق وأساليب تقديم النصيحة؟، فالنصيحة لا تؤخذ من سفيه أو مراهق لبس بالأمس ثوب الوصاية وأصبح في يوم وليلة من ينصح الناس، فإدخال أشخاص غير مؤهلين يعقد المواقف وتترتب عليه الآثار السلبية التي تتفاوت بتفاوت مضمون الكلام، والنصيحة لا تعني استئثارك بكل الوقت، بل يجب أن تصمت قليلا لسماع الرأي المقابل وتفتح ذهنك لفهم وجهة نظر الطرف الآخر، لاحتمال امتلاكه رأيا لا تعرفه أو عذرا لم تتوقعه.

@alzebdah1