محمد حمد الصويغ

أفكار وخواطر

mhsuwaigh98@hotmail.com

لا أميل إلى تصديق المقولة الموغلة في الخطأ بأن «الرواية ديوان العرب» رغم الذرائع المطروحة لتبرير صحتها كتحول الروايات إلى أفلام سينمائية أو أحداث تمثل على خشبات المسارح أو تحولها إلى حلقات تلفازية أو مسلسلات إذاعية أو زوايا متعاقبة تحتل جانبا من صفحات إصداراتنا اليومية، وهي ذرائع لا أظن أنها سوف تسحب البساط من تحت الشعر لتبديله بالرواية، فإذا كان الشعر هو فن العربية الأول، الذي امتد على مساحة زمنية شاسعة منذ العصر الجاهلي مرورا بكل العصور اللاحقة، حيث برزت هيمنته الواضحة على مختلف فنون القول على اعتبار أنه سجل احتوى على وصف دقيق لأحوال العرب وثقافتهم وعاداتهم وبيئاتهم وأخلاقياتهم، حيث تحول هذا الفن إلى مرجع حيوي اعتمد عليه المؤرخون وهم يستشهدون به على سلسلة من المواقف التاريخية، التي تعوز إلى أدلة وإثبات.

إذا كان الشعر كذلك في حياة العرب القدماء، فإن تأثيره مازال فاعلا في عصرنا الحاضر، فقد برز الاهتمام به وبأشكاله البلاغية فاعتمد عليه الشعراء وهم ينشئون نصوصهم الإبداعية، فهو من هذا المنطلق لا يزال ديوانهم رغم ظهور العديد من الفنون الأدبية كالرواية والقصة القصيرة والمقالات الأدبية ونحوها، وقد حظي الفن الشعري باهتمام ملحوظ من قبل النقاد فأبرزوا خصائصه العديدة ووظائفه الإمتاعية وقدرته الفائقة على إثبات القيم والسلوكيات الحميدة، التي عرفت عن العرب وما زالت تمثل علامة فارقة من علامات حياتهم الحاضرة، وقد تعددت أغراض الشعر في وقتنا الراهن، ومازال يحتفظ ببريقه وتجديداته الحديثة، التي تجاوزت المعاني والصور والأفكار إلى تجارب حية في الأشكال والمضامين.