د. لمياء البراهيم

بالفترة الأخيرة كنا نسمع مطالبات عالمية للاعتراف بالمثلية وأنها حق اختيار طبيعي، بل وصلت الضغوط لعدم اعتبارها من ضمن الانحرافات الجنسية ضمن تصنيف الأمراض النفسية ICD11.

كما أن منظمة الصحة العالمية في 2019م قد أعلنت أن التحول الجنسي لا علاقة له بالاضطراب العقلي أو السلوكي بموجب التعديل الأخير في دليل التشخيص لمنظمة الصحة العالمية ضمن فصل الصحة الجنسية.

وقد أثنت منظمة حقوق الإنسان «هيومن رايتس ووتش» على هذا التغيير، الذي اعتبرت له «تأثير تحرري في جميع أنحاء العالم».

ورحَّب مدير حقوق المثليين ومزدوجي الميول الجنسية والمتحولين في حملة مجموعة من منظمة «هيومن رايتس ووتش» بالتعديلات وقال: «يجب على الحكومات إصلاح الخدمات الصحية والقوانين الوطنية، التي تتضمن هذا التشخيص الذي بات شيئاً من الماضي رسمياً».

المثلية تعد من المحرمات في الأديان السماوية تستوجب عقوبات شرعية، ونستشهد بقصة قوم النبي لوط والعذاب، الذي حل عليهم لسوء فعلهم.

طبيا ترتبط الممارسات المثلية، خصوصا بين الذكور بأمراض جنسية منها مرض الإيدز وحاليا بأمراض معدية وبائية مثل جدري القرود بالمقابل تحذر منظمة الصحة العالمية من التحيز ضد المثليين، وكذلك ما يسمى الهوموفوبيا أي الرعب من المثلية.

محليا فالمجتمع لايزال يستنكر علنا الشذوذ الجنسي رغم وجوده وممارساته كان من البيدوفيليا والاعتداء على الأطفال أو بالممارسة بالرضا بين الجنسين.

السعودية سنت قوانين منع التحرش وتحويل حق المقاضاة في اغتصاب الأطفال إلى حق عام بأحكام قد تصل للإعدام.

يهتم الجانب الأمني بمكافحة الجريمة لكننا من الناحية الطبية والأسرية والاجتماعية نهتم بالوقاية عبر التوعية للتنبؤ بمسبباتها ولمنعها، ولمعالجة أثرها الطبي والنفسي على المعتدى عليه (الضحية)، وكذلك أسرته، ولتأهيله مجتمعيا كي لا تحمل رواسب التجربة آثار سلبية قد تحوله من ضحية إلى جانٍ، فضرر اغتصاب الأطفال يصل لتدمير حياة نفسية وجنسية لإنسان مقبل على الحياة وقد تنهي حياته لو حصل له تهتك بأعضائه أو قتل بسبب الضرب لمقاومته أو تم التخلص منه لاحقا، أو بتدميره نفسيا ليتحول لشخصية غير سوية مستقبلا قد يمارس إيذاء غيره، فغالبية المعتدين على الأطفال أثبتوا أنهم تم الاعتداء عليهم بطفولتهم.

يعتقد البعض بأن الميل الجنسي لنفس الجنس هو بسبب الكبت والفصل بين الجنسين ولكن انتشاره بدول بها حرية جنسية أو ممارسته من قبل متزوجين محصنين انجذابا أو الرغبة بالسفر لدول متحررة لممارسته يجعلنا نرجح أن هناك مشكلة بالمعتدي نفسه بغض النظر عن المجتمع وظروفه والحرية الجنسية المتاحة فيه.

للأسف ليس من السهل علاج الميول الجنسية فلا يوجد علاج دوائي أو حتى سلوكي محدد يعطى لمنع التخيلات والرغبات وتغيير الميول.

وإنكار المشكلة لا يعالجها ولا مهاجمتها بدون دراسة الأسباب، التي تدفع لها بمجتمعاتنا.

يبدأ ذلك من الطفولة بوقت تحديد الهوية الجنسية للطفل وهي تتركز بين الثالثة والرابعة من عمره فما بعد، حيث ينبغي أن يكون للوالدين دور في تعزيز الهوية الجنسية للطفل باعتدال وبدون طرف بأن يكون الذكر رجلا والأنثى امرأة.

تراجع منظومة القيم وانفصال الأسرة النووية عن الأسرة الممتدة وارتفاع نسبة الطلاق أو الانفصال الزوجي وتخلي الوالدين أو أحدهما عن مسؤولياته، يزيد على ذلك الضغوط العالمية والانفتاح المعلوماتي من المهددات، التي ينبغي للجهات المؤسسية منها الحوار الوطني ومجلس شؤون الأسرة مناقشتها علنا وإِشراك المختصين والباحثين لإيجاد حلول جذرية للتصدي لهذه المشكلة.

@DrLalibrahim