عبدالله الغنام

abdullaghannam@

لعلنا استمعنا مؤخرا إلى فيض من الأخبار عن موجات الحرارة المرتفعة وغير المسبوقة، التي اجتاحت الكثير من دول العالم، خصوصا دول أوروبا، وكان هناك العديد من الوفيات بسببها. أضف إلى ذلك اجتياح النيران للغابات بشكل أسرع، وبمساحات شاسعة.

ويبدو هذه مؤشرات خطيرة تنذر العالم بتغييرات كبيرة لمناخ الأرض، وهذه الظواهر هي التي حذر منها العلماء منذ منتصف القرن الماضي، حيث ذكروا أن هذه المعمورة سوف تشهد ارتفاعا في درجات الحرارة بسبب التغييرات المناخية، التي كان من أسبابها نهم الإنسان في الصناعة والتطور المحموم وبدون مراعاة للطبيعة، والجور في الاستهلاك غير المقنن، وتلكم من نتائج النهضة الصناعية، التي انطلقت منذ نهاية القرن التاسع عشر وما بعدها.

في البداية، دعونا نستمع إلى ما تقوله الأرقام لنا، ثم بعد ذلك نتحدث أكثر عن الأسباب والظواهر بشكل سريع وبما يسمح به المقال والمقام. أولا لقد ارتفعت درجة حرارة الأرض بمقدار (1.1) درجة مئوية منذ أواخر القرن الماضي، ويذكر أن العقدين الماضيين كانا الأكثر دفئا على الإطلاق. وفي هذا الصدد حذرت الأمم المتحدة عن مسألة التغيير المناخي مرارا وتكرار، حيث ذكرت ما يلي: «أقر آلاف العلماء والجهات المستعرضة الحكومية -في سلسلة تقارير أممية- أن الحد من ارتفاع درجة الحرارة العالمية إلى ما لا يزيد على (1.5) درجة مئوية سيساعدنا على تجنب أسوأ التأثيرات المناخية والحفاظ على مناخ صالح للعيش. وإلى ذلك، وبناءً على خطط الوطنية الحالية للمناخ، فإن من المتوقع أن يصل الاحترار العالمي إلى ما يقرب من (3.2) درجة مئوية بحلول نهاية القرن».

أما عن الأسباب الرئيسية، فمنها نتيجة لحرق الوقود الأحفوري كالفحم، النفط، الغاز، وتلك تنتج ما يسمى بالغازات الدفيئة كثاني أكسيد الكربون وهو يخرج من المصانع والسيارات والطائرات وغيرها من أنواع المكائن الأخرى، التي تحرق الوقود. وتلك الغازات تشكل غطاء حول الأرض تمنع خروج الحرارة إلى خارج الغلاف الجوي، وهذا يطلق عليه (الاحتباس الحراري) يعني تصبح الأرض مثل بيت الزجاج كأنها فرن، ومع الوقت تزداد سخونة هذا الفرن مما يؤدي إلى تغييرات مناخية بسبب ارتفاع درجات الحرارة، وينتج عن ذلك ذوبان الجليد، وفيضانات، والجفاف، وارتفاع منسوب البحار، وعواصف و رياح عاتية، وتغييرات وعدم ثبات في الإنتاج الزراعي، وحرائق الغابات.

والجدير بالذكر، فإنه على المستوى الأممي، هناك عدة مبادرات واتفاقات ومعاهدات دولية للحد من التغييرات المناخية مثل: (قمة الأرض) عام (1992م) وقد كانت تلك الخطوة الأولى، وصادق على تلك الاتفاقية (197) دولة، حيث كان الهدف الرئيسي هو منع التدخل البشري في النظام المناخي. ثم تبعها بعد ذلك (بروتوكول كيوتو)، وتلاها اتفاق باريس عام (1995م).

وما يهمنا على مستوى الأفراد، فهو ترشيد الاستهلاك بشتى أنواعه، والحرص على اقتناء الأجهزة ذات الكفاءة العالية، واستعمال الطاقة البديلة الصديقة للبيئة مثل: الطاقة الشمسية، الرياح، المد والجزر، حرارة باطن الأرض، مساقط المياه، الوقود البيولوجي.

إن مسألة الاهتمام بالتغيير المناخي لم تعد قضية اختيارية، وإن التهاون فيها يزيد الأمر سوءا. والحقيقة أن هذه التأثيرات لم تعد فقط مناخية، بل امتدت إلى الإنتاج الزراعي، وبالتالي أثرت على السوق العالمي، الذي هو مرتبط بعضه ببعض. ومن هنا تبدأ الأسعار بالتصاعد والتضخم والأغلبية من الناس سوف تعاني من ذلك، خصوصا الطبقة الوسطى والكادحة وهنا بيت القصيد!