د. شلاش الضبعان

@shlash2020

«لما عرج بي إلى السماء مررت بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون بها وجوههم وصدورهم، فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم».

هذا حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وفي الحديث الآخر قال صلى الله عليه وآله وسلم «أتدرون ما الغيبة؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: ذكرك أخاك بما يكره، قيل: وإن كان في أخي ما أقول؟ قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته وإن لم يكن فيه فقد بهته».

ونحن نفخر بأننا أتباع محمد صلى الله عليه وآله وسلم ما هي حالنا مع أكل لحوم الناس؟

أخاف أن أقول إن بعضنا لم يوفر لحم القريب والبعيد، وإنها نسبة ليست قليلة مع شديد الأسف، فالشقيق يتكلم في شقيقه، والأخوات يتكلمن في زوجة أخيهن، والعكس الزوجة تتكلم في الأخوات والأم، والطالب يتكلم في المدرس، والمدرس يتكلم في طلابه، والموظفون والموظفات يتكلمون في زملائهم والمدير، والمديرون يتكلمون في الموظفين، ماذا بقي؟

بقي أن نعيد النظر في ضبط ألسنتنا، ونكون أشجع فنترفع عن شهوة الكلام ونسكت عن الكلام في الآخرين، وإذا كان عندنا عليهم شيء من الممكن أن نتواصل معهم ونبثهم ما لدينا إن كان هناك ضرورة، مع أن أكثر وقود الغيبة اليوم هو حسد أو سوء ظنون أو اختلاف في وجهات نظر لا تستحق الظلم والألم الذي يتبعها.

من لم يستطع ضبط لسانه هو شخص ضعيف يجب أن يراجع نفسه، فالأمر ليس سهلا بل هو استنزاف للعلاقات الجميلة، ولرصيد الحسنات التي نتعب في جمعها من أجل الحياة الخالدة القادمة، ولذلك وضح رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المفلس الحقيقي بقوله: «إن المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيُعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يُقضى ما عليه أُخذ من خطاياهم فطُرحت عليه، ثم طُرح في النار!».

كن شجاعا وأوقف النزيف.