خالد الشنيبر

في الأسبوع الماضي أصدر مجلس شؤون الجامعات برئاسة وزير التعليم عدداً من القرارات التطويرية، التي تستهدف رفع الكفاءة التنظيمية للجامعات، وكوجهة نظر شخصية أرى أن تلك القرارات بالرغم من تأخر الوزارة فيها إلا أنها تعتبر خطوة إيجابية للرفع من مستوى مخرجات التعليم وتقليل الفجوة بينها وبين متطلبات سوق العمل.

أبرز القرارات، التي تم الإعلان عنها كانت برفع القبول لضعف ما كان عليه في عام 2020م في الكليات النوعية «الصحية، والهندسية والتقنية والتطبيقية بالإضافة لإدارة الأعمال» وفقاً للطاقة الاستيعابية لتلك الكليات، وتخفيض القبول بنسبة لا تقل عن 50 % في التخصصات غير المتوائمة مع سوق العمل مع زيادة استيعاب الطلاب والطالبات في الكليات النوعية، وإضافة لذلك قيام الجامعات بقياس نسبة توظيف خريجيها لكل تخصص، وكذلك نسبة توظيف الخريجين بدوام جزئي ودوام كامل، ونسبة الخريجين الذين تم توظيفهم في مجال دراستهم، ومتوسط الراتب الأساسي والإجمالي الشهري للخريجين العاملين.

في السنوات الماضية، انشغلنا في العمل على إيجاد الحلول للفجوة بين تكلفة العامل السعودي والوافد، وتأخرنا كثيرًا في إيجاد الحلول للفجوة بين احتياجات سوق العمل ومخرجات المؤسسات التعليمية، ولو شخّصنا الوضع الراهن فسنجد أن مؤسساتنا التعليمية تتهم قطاع الأعمال بعدم الاهتمام بتوظيف خريجيها والتوجّه لاستقطاب العمالة الأجنبية، وقطاع الأعمال يتهم المؤسسات التعليمية بضعف مخرجات التعليم وعدم تناسبها مع احتياجات سوق العمل.

ذكرت سابقاً في أكثر من مقال أن التُهم بالغالب تُوجه لوزارة الموارد البشرية منفردة فيما يخص مؤشرات البطالة، وهذا الأمر غير منطقي لأن المسؤولية مشتركة وليست مُفردة، فالواقع الذي نراه اليوم أن وزارة الموارد البشرية تتحمل مسؤوليات الغير من الجهات، التي لها علاقة مباشرة وغير مباشرة في مؤشرات سوق العمل، بالرغم من أن دورها الرئيسي من المفترض أن يقتصر على التنظيم والتشريع والتحفيز لترقية سوق العمل، ولذلك أي عامل لا يخص التنظيم أو التشريع، فهو ليس من مسؤولية وزارة الموارد البشرية.

كوجهة نظر شخصية؛ هناك ثلاث جهات مسؤولة بشكل رئيس في معالجة قضية البطالة وتحسين مؤشرات سوق العمل، وزارة الاقتصاد في المقام الأول، ثم وزارة التعليم ثم يأتي الدور على وزارة الموارد البشرية، وحتى لو اختلف معي العديد في ذلك إلا أن المختصين في سوق العمل يعون بشكل أكبر دور كل جهة من تلك الجهات، وغياب العمل التكاملي بينها يعني فقدان القدرة على التحكم بمؤشرات سوق العمل.

من اطلاع على نشرات سوق العمل، يتضح لنا وجود صعوبة في توظيف حديثي التخرج مقارنة بغيرهم، وبحسب المؤشرات نجد أن حديثي التخرج يشكلون النسبة الأكبر من فئات المتعطلين عن العمل، وبتشخيص أعمق نجد أن هناك عدة أسباب رئيسية لهذا الخلل، منها «مواءمة مخرجات التعليم مع متطلبات السوق» و«مستوى المهارات اللغوية»، ولذلك من المهم العمل على تحسينها حتى لا يتم هدر استثمارنا في التعليم.

في الفترة الماضية، طورنا العديد من إستراتيجيات التعليم، ونجحنا في تطبيق إصلاحات عديدة في سوق العمل، ولكن لم نر أي وجود لإستراتيجية خاصة في مرحلة ما قبل الانتقال لسوق العمل لطلاب الكليات والجامعات تستهدف زيادة ثقافة العمل وتطوير المهارات لبناء أجيال مختلفة ومميزة عن الأجيال السابقة، وقد يكون علاج هذا الخلل بشكل غير مباشر من خلال برنامج تنمية القدرات البشرية، الذي تم الإعلان عنه مؤخراً، ولكن يبقى هذا الملف أحد أهم مسؤوليات وزارة التعليم.

الوضع الحالي للتعليم لا يكفي لتقليل الفجوات في سوق العمل، فعلاقة التعليم بسوق العمل تعتبر علاقة تكاملية، وأساس تلك العلاقة ينبغي أن ينصب على «الميدان» بشكل أكبر من الاعتماد على «التعليم بالقاعات» حتى تكون مخرجاتها جاذبة، ولذلك من المهم أن تكون هناك إستراتيجية خاصة بالتلمذة المهنية حتى نعزز من زيادة تواجد المشتغلين السعوديين في نفس تخصصاتهم بشكل أكبر في سوق العمل مما يقلل من معدلات البطالة، ويقلل من وجود العمالة الناقصة.

@Khaled_Bn_Moh