فهد الخالدي

@Fahad_otaish

تناولت في المقال السابق كون السياحة استثماراً واعداً والأهمية التي أولتها رؤية 2030 لهذا القطاع، والعوامل والأسباب التي تؤهل بلادنا لتكون وجهة سياحية مهمة في المنطقة والعالم، سواء من حيث التراث الديني أو الطبيعي أو التاريخي. كما أشرنا إلى العديد من الإجراءات التي اتخذت لتنمية هذا القطاع وزيادة مساهمته في الناتج الوطني، وبما يحقق الدور الذي حددته الرؤية لهذا القطاع في تعدد مصادر الدخل. وإذا كان الحديث في ذلك المقال قد أعطى السياحة الخارجية النصيب الأكبر، فإن السياحة الداخلية لا تقل أهمية عن السياحة الخارجية لا سيما وأن مساهمة السياحة الداخلية عام 2013م مثلاً بما يعادل 28 مليار ريال من مجموع ما أنفقه السياح كافة في ذلك العام، وهو 76 مليار ريال. إضافة إلى أن السياحة الداخلية تحقق أهدافاً أخرى لا تقل أهمية عن الأهداف الاقتصادية وهي تنمية الانتماء الوطني والهوية بين الشباب الذين يحتاجون إلى مزيد من المعرفة عن وطنهم وكنوزه التراثية وتنوعه الطبيعي، التي لا يكفي الحديث عنها من خلال المناهج الدراسية لا سيما وأن المنظمات العالمية وفي مقدمتها (اليونسكو) دأبت في السنوات الأخيرة إلى إضافة العديد من المواقع المحلية إلى قوائم مواقع التراث العالمي، ومنها مدائن صالح التي أضيفت إلى هذا التراث عام 2008 م، وكانت بذلك أول موقع في السعودية ينضم إلى هذا التراث، كما أضيفت بعد ذلك الدرعية عام 2010 م وجدة التاريخية عام 2014 م والفنون الصخرية في منطقة حائل عام 2015 م وواحة الأحساء 2018 م، ومن المتوقع إضافة المزيد من المواقع، ولذلك فإن أبناء هذا الوطن أولى بزيارة هذه المواقع والتعرف عليها مما يعمق الانتماء الوطني والهوية. فإذا أضفنا إلى ذلك التنوع الجغرافي من البحر الأحمر غرباً إلى الخليج العربي شرقاً، ومن مشارف بلاد الشام شمالاً وصولاً إلى اليمن جنوباً، بما يشمله ذلك من تنوع مناخي تتوافر منه المصايف، والتنوع الطبيعي من سهول وصحراء وجبال وأودية وغابات، مما يجعل ذلك عوامل هامة في الجذب السياحي وتحول الكثير من المواطنين لقضاء إجازاتهم داخل وطنهم، لا سيما وأن الطاقات الاستيعابية للمرافق السياحية آخذه بالزيادة والاتساع بجهود متواصلة تبذلها كافة الجهات الحكومية، بما في ذلك هيئة السياحة وأمانات المناطق والبلديات ومؤسسات القطاع الخاص التي ينتظر المزيد منها في الاستثمار في هذا المجال، والمشاركة في تقديم الخدمات وتوفير المرافق اللازمة لزيادة أعداد السياح في المناطق التي تشهد إقبالاً من المواطنين على زيارتها، إضافة إلى زيادة رحلات النقل الجوي والسكك الحديدية بين المناطق التي تدعم الخدمات التي توفرها عشرات الآلاف من الكيلومترات من الطرق المعبدة التي وفرتها الدولة، وربما يقتضي ذلك مزيداً من مشاريع البنى التحتية والخدمات الفندقية التي تواكب الزيادة في أعداد المواطنين الذين يقبلون على هذا النوع من السياحة والتي سوف توفر بالتأكيد ملايين الريالات التي كانت تنفق على السياحة خارج الوطن، مما يساهم في تحقيق رؤية المملكة لمساهمة هذا القطاع في الاقتصاد الوطني والناتج المحلي الإجمالي.