ترجمة: إسلام فرج

أطرافهما منقسمة وبياناتهما لا تتجاوز الكلمات الجوفاء

أكد موقع «آسيا تايمز» أن القمم المتنافسة الأخيرة التي عُقدت برعاية الصين والولايات المتحدة تمثل صدى مخيفا للكتل المتنافسة في حقبة الحرب الباردة، مشككًا في جدوى فاعلية تلك الكتل.

وبحسب مقال لـ «ريتشارد جواد حيدريان»، حشدت الولايات المتحدة والصين حلفاءهما لعقد قمم كبرى في الأيام الأخيرة، مما بدا كصدى مخيف للكتل المتنافسة في حقبة الحرب الباردة.

وأضاف الكاتب: من جانبه، التقى الرئيس الأمريكي جو بايدن بزملائه من قادة مجموعة السبع في «شلوس إلماو» بجنوب ألمانيا، حيث ناقشوا المخاوف الإستراتيجية المشتركة بشأن كل من روسيا والصين، وبشكل جماعي، تعهدت الدول الغربية السبع الكبرى بما يصل إلى 600 مليار دولار لمواجهة مبادرة الحزام والطريق الصينية (BRI) في العالم النامي.

وأشار إلى أن الرئيس الأمريكي أكد على أن الصين استضافت قمة افتراضية لدول البريكس (البرازيل، وروسيا، والهند، والصين، وجنوب إفريقيا)، حيث تعهد الرئيس بادرة «الشراكة من أجل البنية التحتية العالمية والاستثمار» التي تم إطلاقها مؤخرًا، ليست «مساعدة أو مؤسسة خيرية»، ولكنها تمثل استثمارًا إستراتيجيًا حتى ترى الدول النامية الفوائد الملموسة للشراكة مع الديمقراطيات.

القمة الافتراضية

وتابع الكاتب بقوله: على الجانب الآخر، كانت الصين قد استضافت القمة الافتراضية لدول البريكس، حيث تعهد الرئيس تشي جين بينغ باستثمارات ضخمة في التعاون بين بلدان الجنوب، ودعا القوى الناشئة الزميلة إلى الدعم المتبادل في القضايا المتعلقة بالمصالح الأساسية ورفض الهيمنة والبلطجة والانقسام.

وأردف: في انتقاد مبطن للقوى الغربية، انتقد تشي محاولات توسيع التحالفات العسكرية للسعي لتحقيق الأمن المطلق، وإذكاء المواجهة القائمة على الكتلة من خلال إجبار الدول الأخرى على انتقاء الأطراف، ومتابعة الهيمنة أحادية الجانب على حساب حقوق الآخرين ومصالحهم.

وأضاف: في بيان مشترك من أكثر من 7300 كلمة، ما يسمى بإعلان بكين، دعت دول البريكس بشكل فعّال إلى نظام عالمي جديد يعكس بشكل أفضل مصالح الدول الناشئة.

واستطرد: في مواجهة وابل من العقوبات بسبب غزوها أوكرانيا، احتضنت روسيا الحدث كفرصة للرد على الغرب، وبالتالي، رحبت بالعضوية المحتملة لقوى متشابهة التفكير مثل إيران في تجمع القوى هذا، كما دعت الصين ما يصل إلى 13 دولة نامية أخرى، بما في ذلك الجزائر والأرجنتين ومصر وإندونيسيا وكازاخستان وإثيوبيا وماليزيا وتايلاند إلى فعاليات «بريكس» في محاولة لإبراز جبهة موحدة ضد الغرب.

وأضاف: على العموم، تنقسم الدول الأوروبية حول مدى استعدادها للانضمام إلى أمريكا الضعيفة ضد الصين الصاعدة في حين أن القوى الناشئة مثل الهند مهتمة بشكل أساسي بتعزيز صوتها في النظام الدولي الحالي.

وتابع: أدى انهيار الاتحاد السوفيتي إلى ما وصفه الخبير المحافظ تشارلز كراوثامر بأنه لحظة أحادية القطب، حيث بات مركز القوة العالمية التي لا منازع لها هو الولايات المتحدة، التي تقف في صفها الدول الغربية.

الجغرافيا السياسية

وأضاف الكاتب حيدريان: ذهب الأكاديمي فرانسيس فوكوياما إلى أبعد من ذلك بالقول إن الجغرافيا السياسية قد وصلت إلى «نهاية التاريخ»، أي أن النصر النهائي كان للديمقراطية الرأسمالية باعتبارها الشكل النهائي للتنظيم الاجتماعي.

وتابع: مع ذلك، لم يمضِ وقت طويل قبل أن تقوّض الغطرسة الإمبريالية مكانة القوة المفرطة لأمريكا، خاصة بعد التدخلات المدمرة لإدارة جورج دبليو بوش بقيادة المحافظين الجدد في الشرق الأوسط.

ومضى يقول: في الواقع، كان العقد الأول من القرن الحادي والعشرين حقبة ذهبية للقوى غير الغربية، بين عامي 2000 و2005، ارتفع إجمالي تدفقات رأس المال إلى الأسواق الناشئة بنسبة 92%، وهو رقم مثير للإعجاب شهد زيادة بمقدار 5 أضعاف في نصف العقد التالي.

وأردف بقوله: مع تدفق الاستثمارات وازدهار الصادرات الصناعية والسلع الأساسية، ضاعفت الاقتصادات الناشئة حصتها من الناتج المحلي الإجمالي العالمي خلال ما يزيد قليلاً على عقد من الزمان.

وأضاف: تقديرًا للظهور السريع للدول غير الغربية بدأ الأساتذة في «وول ستريت» مثل جيم أونيل من شركة «جولدمان ساكس» لإدارة الأصول في التحدث عما يسمى دول «بريك»، وهي البرازيل وروسيا والهند والصين.

ومضى يقول: مع وجود نقاد بارزين مثل فريد زكريا يتحدثون الآن عن «عالم ما بعد أمريكا»، قررت دول مجموعة السبع التعاون مع القوى الناشئة لإنشاء مجموعة الـ20 التي تضم دول البريكس، بالإضافة إلى المكسيك وتركيا وإندونيسيا والأرجنتين.

وتابع: مع ذلك، شعرت الصين بوجود فرصة فريدة في رعاية دول البريكس لتكون نقطة انطلاق لأجندتها العالمية، أي تحدي الهيمنة الأمريكية على النظام العالمي.

شراكات إستراتيجية

وأضاف: لهذه الغاية، عززت الصين شراكاتها الإستراتيجية مع دول أخرى مثل روسيا والبرازيل، بل وأنشأت بنك التنمية الجديد، المعروف سابقًا باسم بنك تنمية البريكس، كجزء من نظام اقتصادي دولي مزدهر تدعمه بكين، والذي يشمل أيضًا مبادرة الحزام والطريق، والبنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية (AIIB).

وتابع: في منتدى أعمال البريكس، اتهم تشي الغرب بتسييس الاقتصاد العالمي واستخدامه كسلاح باستخدام مركز مهيمن في النظام المالي العالمي لفرض عقوبات بشكل تعسفي لن يؤدي إلا إلى إلحاق الضرر بالآخرين وإلحاق الضرر بالنفس، تاركًا الناس حول العالم في معاناة.

وأردف: قبيل القمة في بكين، ووفقًا لوكالة «بلومبرغ» الأمريكية، وعد المسؤولون الهنود بالتأكد من أن أي بيان مشترك يخرج من القمة محايد ويمنع محاولات الصين وروسيا لاستخدام القمة لتحقيق نصر دعائي ضد الولايات المتحدة وحلفائها، ونتيجة لذلك، انتهى البيان المشترك النهائي إلى لهجة مخففة تمامًا.

وأشار إلى أن الهند وجنوب أفريقيا رحبتا بفارغ الصبر بإدراجهما في مجموعات G7 Plus الموسعة، والمعروفة باسم G11، التي تشمل أيضًا كوريا الجنوبية وأستراليا.

وتابع: بحسب تشي ينهونغ، الأكاديمي المقيم في جامعة «رينمين» في بكين، فإن الانقسام بين الصين والهند حول التوترات الحدودية ترك دول البريكس إلى حد كبير متجرًا للكلمات الجوفاء عندما يتعلق الأمر بالتعاون الجوهري.

ونقل عنه قوله: إن القمة فشلت في التطرق أو تقديم حلول لتلك المشكلات الساخنة الخطيرة في عصرنا.

وأردف: من ناحية أخرى، فإن مجموعة الدول السبع، التي فقدت الكثير من نفوذها العالمي في العقود الأخيرة، منقسمة داخليًا أيضًا بشأن قضية الصين، حيث حذر رئيس الوزراء البلجيكي ألكسندر دي كرو علنًا من تحويل الظهور إلى بكين بالطريقة نفسها التي يديرون بها ظهورهم إلى موسكو.