د. شلاش الضبعان

أتيتَ إلى هذا العالم المشتت، فرقيت به من ظلمات الشرك إلى أنوار التوحيد، ومن عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن جور المذاهب والأديان إلى عدالة الإسلام، فسلام عليك يا رسول الله.

أتيتَ في امتداد لدعوات إخوانك الأنبياء، فدعوتَ وصبرتَ وعفوتَ وأكرمتَ وضحَّيت، حتى لا يحول بين الناس وبين الخير الذي جئتَ به مجرمٌ أو مستكبرٌ، فسلامٌ عليك يا رسول الله.

كنتَ أنموذجًا لكل خُلق جميل بشهادة رب الأرض والسماوات، ومن أعظم شهادة من الله؟، في الكرم جوادًا، وفي الشجاعة مِقدامًا، وفي العفة عفيفًا، وفي القيادة قائدًا، وفي البيت زوجًا محبًّا، شهد العدو قبل الصديق، فقالوا بلا تردد: ما جرَّبنا عليك كذبًا قط!، وقال هرقل عظيم الروم، وقد سأل: فإن كان ما تقول حقًّا، فسيَملِكُ موضعَ قدميَّ هاتَينِ، وقد كنتُ أعلم أنه خارج، لم أكن أظنُّ أنه منكم، فلو أني أعلم أني أَخلُص إليه لتجشَّمتُ لقاءه، ولو كنتُ عنده لغسلت عن قدميه، فسلامٌ عليك يا رسول الله.

قدَّمتَ للعالم عظماء تخرَّجوا من مدرستك، فرأى العالم عظمةً تمثَّلت في أبي بكر، وشجاعةً تمثلت في عمر، وكرمًا تمثل في عثمان، وبطولةً تمثلت في علي، وأخلاقًا راقية في كل صحابي من صحابتك، فسلامٌ عليك يا رسول الله.

شهد لك رجالات الشرق والغرب، وهم ما عايشوك، فقال أحدهم: «إن العالم أحوج ما يكون إلى رجل في تفكير محمد»، وقال الآخر: «لم يكن محمد نبي العرب فحسب، بل للعالم لو أنصفه الناس»، وقال المهاتما غاندي: «أردتُ أن أعرف صفات الرجل الذي يملك بدون نزاع قلوب ملايين البشر. لقد أصبحت مقتنعًا كل الاقتناع بأن السيف لم يكن الوسيلة التي من خلالها اكتسب الإسلام مكانته، بل كان ذلك من خلال بساطة الرسول مع دقته وصدقه في الوعود، وتفانيه وإخلاصه لأصدقائه وأتباعه، وشجاعته مع ثقته المطلقة في ربه وفي رسالته»، وما زادتك شهاداتهم ولكنها زادتهم، فسلامٌ عليك يا رسول الله.

في كل زمان يخرج مَن لا يعرفك فيتجرَّأ، ولكن نؤمن بأن الله وعدك ووعدنا: «إنا كفيناك المستهزئين»، «والله يعصمك من الناس»، ورفع لك ذِكرك، وجعل شانئك الأبتر، فنأسى لحال من تجرَّأ عليك، كيف تردَّى لأوحال الكذب والحمق والجور وقلة الحياء؟! فسلامٌ عليك يا رسول الله.

@shlash2020