علي بطيح العمري يكتب:

في موقف ما، جلس رجل في زاوية مطعم، وبدأ يكتب في ورقة.... السؤال: ماذا يكتب؟

المراهقة تظنه يكتب رسالة لحبيبته، والعجوز تظنه يكتب لأمه، أما الطفل فسيظنه يرسم، والتاجر يعتقد أنه يحسب الأرباح، والموظف يتوقع أن الرجل يُحصي ديونه.. إلخ.

هؤلاء الذين توقعوا ماذا يكتب الرجل فسَّروا تصرفاته من زاوية اهتماماتهم، وفي المَثل: كلٌّ يرى الناس بعين طبعه.

رُويت قصص كثيرة عن السبب الذي قيل من أجله هذا المَثل، ومن أبرزها.. أن هناك ثلاثة رجال كانوا يمشون، فرأوا رجلًا يحفر في جانب الطريق، فقال أحدهم: هذا الرجل قد قتل إنسانًا ويريد دفنه.. والثاني قال: هذا الشخص لديه أموال أخذها ويريد تخبئتها هنا، أما الثالث فقال: لا أظن كلامكما صحيحًا، فيبدو أنه رجل صالح يحفر بئرًا لينفع الناس.

الشخص الأول مجرم وبهذا فسَّر تصرف الرجل الذي يحفر، والشخص الثاني فاسد، فيرى الناس مثله في تغطية فسادهم، أما الثالث فهو رجل خيّر ففسَّر فِعل الرجل بالخير.

الإنسان الصالح يرى الناس صالحين، وأما الفاسد فيراهم فاسدين، وهكذا تمضي نظرة الناس للناس، فكلٌّ يرى الآخرين بعين طبعه.

المَثل ينطبق على كثير من جوانب الحياة، فقد يتصرف أحدهم بطريقة طبيعية أو عفوية، لا يقصد إيذاء أحد ولا لديه سوء نية، غير أنه يقع ضحية لأولئك الذين يحكمون عليه بسوء نواياهم ويحاكمونه وفق ظنونهم.

عندما أقرأ رسالتك ولا أرد عليها.. عليك ألا تفسِّر تصرُّفي هذا بالتكبر؛ لأنك مغرور، ولا تفسِّره بالتجاهل؛ لأنك تتجاهل غيرك.. راجع أسلوبك فلا ترَ الناس بعين طباعك، فللناس ظروفهم.

عندما ترى الناس بعين طبعك فهذه ليست مشكلتهم، بل هي مشكلتك، فلا تظن بالآخرين سوءًا لئلا تقع في الظلم.

العاقل يا سادة يرى الناس بعقله، والفاضل يراهم بسمو أفعاله، والقاصر ينظر إليهم وفق قصوره والناقص يراهم بنقصه.

لذلك كن عادلًا في حكمك على الناس، متفهمًا لتصرفاتهم، متوخيًا الإنصاف، وإلا فاصمت فهو أسلم، وفي الحديث: قل خيرًا أو اصمت.

وإذا علمت يا عزيزي حال الناس..

فلا تتوقع من السيئ أن يراك نقيًّا، ولا تظن أن البخيل سيراك كريمًا، ووفق هذه القاعدة: الفاشل سيتجاهل نجاحك.

* قفلة..

قال أبو البندري «غفر الله له»:

هناك مَن (يبث) الخير على صفحات الحياة، وهناك مَن (يحقنه) في قلوب الناس.. الأول رائع والثاني أروع.

@alomary2008