سعود القصيبي

أنا من جيل تعود القراءة ومن الورق حيث نشتم رائحته ونتمعن بلونه ولمعرفة محتواه ومكان صنعه، وكما المثل الكتاب يعرف من عنوانه. إلا أن متابعة المستجد وخاصة في ضوء التقنية الحديثة ومن خلال الإنترنت أجده عملية معقدة. وكما جيلي فهو آخر من يعلم عن تلك الوسائل من السوشيال ميديا أو التوجهات. فجيلي يهوى التأمل وقراءة الشعر وكتابته. ويتحدث بلغة الرومانسيات العالمية أمثال كتابات هيغور ورواية المدينتين والبؤساء. وما من توجه إنساني ومعرفي عامة إلا وقرأنا فيه من قراءة الكف إلى معرفة الودع. نجد بالبر متعة كما نجد بالنخيل راحة. فنحن جيل الأبيض والأسود من التلفاز والذي بدأ رحلته بالاكتشاف بالستينيات وجاءت تجاربه العملية وثقافته بالسبعينيات ومقررات حياته بالثمانينيات حيث تخرج وعمل وتزوج أو عكس الترتيب كما فعل البعض. وهو الجيل الذي تلا الجيل الثاني الذي دخل إلى تقنيات القرن العشرين عن طريق الاستماع إلى الراديو سواء بإذاعة القاهرة أو لندن أو حتى موناكو. فهو الجيل الذي بدأ رحلته التقنية المعرفية عن طريق التلفزيون ولأول مرة وعايش حرب 68 م بآلامها من سقوط القدس وسيناء والجولان. وهو الجيل الذي فرح بنصر حرب 73م واكتساح خط بارليف المنيع وعبور القناة وإعادة الكرامة للعرب. ونحن الجيل الذي ارتاد المسارح مع الجيل الثاني ولأول مرة وذهب للسينما وأيضا ولأول مرة في لبنان ومصر. وهو الجيل الذي عاصر الأولين وعاصر النقلة بين الأبيض والأسود إلى الملون من التلفاز. وهو الجيل التائه الذي شاهد جيل ما سبقه حيث الحداثة والثقافة وعبر لبنان ومصر حيث كانوا الترند وهم الفاشن وهم الثقافة بتنوعها.

إلا عندما نتابع تلك المواقع من السوشيال ميديا نجد صعوبة وخاصة مع كثرتها ولأننا لا نجد فيها متعه كما مع الأجيال الآن. فإن أكثرنا ما زالت الأخبار وتتبعها يجد فيها متعة كما يجد بالحكم والأقوال ثقافة. لا يهتم بالغناء ومطربيه سوى من كانوا من القمم من حيث اللحن والأداء أمثال أم كلثوم وعبدالحليم وفيروز وطلال مداح ووردة. وليس ممن يهوون الصخب. ولسنا ممن عايش الشعبيات من الجيل الأول من أهازيج البحر وما علمناه إلا أننا تأثرنا به من الجيل الثاني إن صح التعبير من العود والطبلة وغناء الكويتي وناظم الغزالي كما فيس طلعت من بيت أبوها وأصبحت كما الكوكو الذي ما درينا به. فنحن ذاك الجيل الذي تعرف على المسرح الكوميدي والمسلسلات وعن طريق الكويت حين دخلت ولأول مرة. ولسنا من جيل كوميديا إسماعيل ياسين إلا أننا من جيل مدرسة المشاغبين والعيال كبرت. فهي ترمز لنا الكثير كما ترمز لنا الكوميديا الكويتية بمسلسلها درب الزلق والتي تذكرنا بجيل الآباء والنقلة الحضرية ومنذ اكتشاف النفط. ونعم نحن ذاك الجيل الذي سكن بيوت الأسمنت ولأول مرة فلم يعرف منازل الطين. ونحن الجيل الذي كان يلبس في المدارس البنطلون والقميص حتى أمر بتغييرها وفي المدارس أيضا إلى الثوب عندما كبر. كما أننا الجيل الذي عاصر أحداث الحرم بتبعاتها. وسمع مرويات وخزعبلات أفغانستان من ظهور جبريل عليه السلام والملائكة للقتال إلى رمي الدبابات بالسجيل فتدمر. ونحن الجيل الذي شاهد طائرات الفانتوم تطلق ألوانها بالحرف اللاتيني «اف» لتعبر عن الملك فيصل بأحد المحافل حيث عطلت الفصول الدراسية لذاك المشهد. كما نحن جيل من عزة بالشهيد الملك فيصل طيب الله ثراه وأسكنة الفردوس الأعلى. كما نحن جيل أهازيج كلنا فيصل كلنا خالد ونحو القمر. ونحن جيل الطفرة من البناء. كما أننا الجيل أيضا ممن حضر توسعات الحرم المدني والمكي غير المسبوقة وعبر التاريخ. كما نحن جيل زيارة الملك فهد طيب الله ثراه للولايات المتحدة ومقابلته للطلبة. ونحن جيل نعم نحن الحجاز ونحن نجد ونحن ذاك الجيل ممن استضاف أهل الكويت بعد محنتهم ووقف معهم. كما نحن الجيل الذى رأى بزوغ الشمس والارتقاء بالهمم كما جبل طويق. فنحن جيل أبيض وأسود وملون بعد وكمان.

@SaudAlgosaibi