خالد الشنيبر

أكملنا ما يقارب الستة أشهر منذ إطلاق برنامج «نطاقات» المطور، الذي بدأ تطبيقه في نهاية العام الماضي، واعتمد البرنامج في نسخته المحدثة على ثلاثة تعديلات رئيسية، الأول دمج الأنشطة الاقتصادية، والثاني تقديم خطة توطين ثابتة للسنوات الثلاث القادمة، والتعديل الثالث تحسين العلاقة الطردية بين عدد العاملين ونسبة التوطين المطلوبة كبديل عن النسب المبنية على أحجام محددة وثابتة للمنشآت، وفي هذا المقال سأتطرق لوجهة نظري الشخصية عن تقييم تلك الفترة.

في البداية، من المهم أن نتفق على مبدئين مهمين في سوق العمل، الأول؛ في أي قرار يتم تطبيقه سنجد إيجابيات وسلبيات، وهذا الأمر طبيعي جداً ومن خلاله سنجد فرصا عديدة لمراجعة وتطوير القرارات لتحسينها، والثاني؛ أي قرار يصب في مصلحة التوطين النوعي سواء كان مختصا في «مهن أو أنشطة»، فهو مفتاح مهم لتوفير فرص وظيفية تطويرية لأبناء وبنات الوطن، ولذلك من المهم أن ندرك تلك النقاط عند تحليل أي توجهات يتم تطبيقها على سوق العمل، وندعمها بشكل عام.

خلال الفترة الماضية، شهد سوق العمل تحولاً جذرياً من خلال تطبيق توجهين رئيسيين، الأول تطبيق برنامج «نطاقات» المطور، والثاني قرارات التوطين المتتالية، التي يتم الإعلان عنها ضمن حزمة من القرارات التي تستهدفها وزارة الموارد البشرية، والأثر من تلك التوجهات نجده من انعكاس مؤشرات سوق العمل الرسمية، التي يتم الإعلان عنها بشكل دوري، والتي أثبتت تحسنا كبيرا لكثير من المؤشرات، فالبعض منها تجاوز مستهدفات الرؤية 2030، والبعض وصل لمستويات تاريخية مميزة.

الأساس من برنامج «نطاقات» المطور يكمن في استدامة عملية دخول المشتغلين السعوديين بمستويات تدريجية، وبما أننا اليوم نعيش في مرحلة مميزة من حيث المرونة في مراجعة وتقييم القرارات من قبل وزارة الموارد البشرية بشكل دوري، أوصي في مراجعة معدلات التوطين لبعض الأنشطة، خاصة بعد عملية دمج الأنشطة التي تمت في البرنامج، وتلك المراجعة من المهم أن تكون في الفترة الحالية قبل الدخول في المرحلة الثانية من البرنامج لضمان نجاح البرنامج بالطريقة المستهدفة، التي من خلالها سيتم الرفع التدريجي لمعدلات التوطين، فمن خلال الستة أشهر الماضية منذ البدء في تطبيق البرنامج نجد أن هناك أنشطة كان استيعابها مرن في رفع معدلات التوطين مقابل صعوبة لدى أنشطة أخرى، ولذلك من المهم تقييم تلك الأنشطة بشكل تفصيلي حتى لو استدعى الأمر لزيادة عدد مجموعات الأنشطة.

من اطلاع على سوق العمل وبحكم تخصصي في الموارد البشرية، أرى أن هناك فرصا أكبر لرفع معدلات التوطين في عدة أنشطة مُجمعة، وأقترح أن تكون في الأنشطة الصناعية وخدمات الأعمال والمؤسسات المالية، بالإضافة لأنشطة البنية التحتية للاتصالات والمختبرات والخدمات الصحية، ومن خلال ذلك أرى أن بمراجعة معدلات التوطين لتلك الأنشطة سنجد تحسناً في كثير من المؤشرات، التي تخص تلك الأنشطة فيما يتعلق بدخول السعوديين.

المنهجية لتقييم البرنامج تبدأ من خلال مراجعة توزيع المنشآت في مستويات النطاقات وفقاً للأنشطة بعد دمجها خلال الستة أشهر الأولى، ومن خلال هذا الأساس ستتضح الصورة بشكل أكبر فيما يخص مراجعة دمج الأنشطة أو من خلال إعادة النظر في معدلات التوطين.

ختاماً؛ إعادة التقييم بشكل سنوي لهذا البرنامج يعتبر توجها صحيا للسوق نظراً لحجم التحديات والمتغيرات، التي يشهدها سوق العمل، والتي أثبت فيها اقتصاد المملكة ثباته أمامها، وما زلت متفائلاً بالمرحلة المقبلة في ظل وجود مرونة في تقييم القرارات، التي يتم تطبيقها.

@Khaled_Bn_Moh