خالد الشنيبر

@Khaled_Bn_Moh

بالرغم من الحجم الكبير لسوق العمل بالمملكة إلا أن تطبيق ممارسات الموارد البشرية داخل منشآت القطاع الخاص ما زال أقل من المأمول، وكثير من المنشآت ما زالت تتجاهل أهمية تطبيق أهم وأبسط ممارسات الموارد البشرية، وما زالت تنظر لذلك بنظرة سلبية كونها ممارسات «مُكلفة ماديا»، وهذه النظرة خاطئة وخطيرة على سوق العمل، ولنا من فترة أزمة فيروس الكورونا مثالا واقعيا تعايشنا معه لأهمية دور أقسام الموارد البشرية في المحافظة على المنشآت ومواجهة التحديات.

بالنظر للإحصاءات الرسمية نجد أن المنشآت الصغيرة ومتناهية الصغر في المملكة تشكل الأغلبية القصوى من أعداد المنشآت في المملكة، ونجد أن تلك المنشآت عانت الكثير خلال السنوات الماضية، وما زالت تتأثر مع أي متغيرات تطرأ على سوق العمل، التي تستهدف مسيرة الإصلاحات والترقية، وأجزم بأن أكثر من 95 %‏ منها لا تُطبق ممارسات الموارد البشرية بالشكل الصحيح مما أدى لإعاقتها عن النمو والتوسع والانتشار، وأفقدها ذلك القدرة على المنافسة، بالإضافة لصعوبة الانتقال لأحجام منشآت أكبر.

أهم عامل لتطوير ونمو تلك المنشآت هو وجود سياسات داخلية وتنظيم إداري قوي لها كأساس قبل أي شيء آخر، ومن أهم التنظيمات الداخلية هو وجود تطبيق لممارسات الموارد البشرية الأساسية، ولا يعني ذلك ضرورة وجود قسم كامل للموارد البشرية في تلك المنشآت، خاصة التي يقل عدد عمالتها عن «10 عمال»، ولكن بالإمكان تطبيق بعض الممارسات الأساسية أو الاستعانة بالأشخاص المستقلين المختصين في الموارد البشرية، بالإضافة للاستعانة بخدمات المكاتب الاستشارية المختصة، وكوجهة نظر شخصية أرى أن هذا المحور هو أهم محاور تنظيم سوق العمل حتى نرى الأثر الإيجابي من قرارات وزارة الموارد البشرية على أرض الواقع وبشكل سريع ومرن.

في الواقع ما زالت مكاتب خدمات استشارات الموارد البشرية بلا هوية حقيقية في السوق السعودي، وللأمانة لم يتم استغلالها والاستفادة منها كمصدر مهم لتخريج كوادر سعودية من الجنسين بخبرة عملية متنوعة لها إضافة قوية للسوق بشكل عام وتساهم في الحلول للعديد من التخبطات الإدارية داخل منشآت القطاع الخاص، فهذا النشاط يحتاج لدعم أكبر من خلال تأسيس جهة مستقلة له كهيئة المهندسين كأول الخطوات حتى تُبنى له قاعدة ثابتة قوية.

كتبت وطالبت في مقالات سابقة عن أهمية تصميم شهادة مهنية سعودية احترافية في الموارد البشرية تحت مسمى «Saudi HR Passport»، والهدف منها هو تشكيل أذرعة «شركاء» بكفاءة عالية لوزارة الموارد البشرية في القطاع الخاص يساهمون في نجاح تحقيق الوزارة لأهدافها وتوطيد الشراكة الإستراتيجية التكاملية بينها وبين القطاع الخاص، ومن خلال تلك الشهادة سيكون هناك تواجد لكوادر سعودية كأصحاب لمكاتب استشارية تقدم خدماتها لسوق العمل، وبذلك سيتم تدريب وتوظيف الآلاف من الأيدي العاملة السعودية فيها.

إضافة لذلك؛ ما زلت أرى أهمية لوجود تصنيف للمنشآت وفقا لتطوير ممارسات الموارد البشرية حتى تكتمل مسيرة تطوير سوق العمل، وعدم الاكتفاء فقط بمعدلات التوطين، فبالإضافة للقيمة المُضافة، التي ستجنيها تلك المنشآت من هذا التصنيف أرى أهمية لربطه بحوافز فعلية لتلك المنشآت، وتكون نتائج هذا التصنيف على موقع إلكتروني تابع لوزارة الموارد البشرية، ويتم تحديثه بشكل دوري مما يتيح تنافسا أكبر بين منشآت القطاع الخاص لتطوير بيئة العمل لديها، وتطبيق أكبر قدر ممكن من ممارسات الموارد البشرية، التي سيكون لها انعكاس كبير على سوق العمل في المملكة إجمالا.

ختاما؛ بمقارنة بسيطة في سوق العمل، نجد أن المنشآت سريعة النمو يتم تطبيق ممارسات الموارد البشرية فيها بشكل أكبر من المنشآت الأخرى، وبنفس الوقت المنشآت، التي يتم تطبيق ممارسات الموارد البشرية فيها بشكل أوسع هي المنشآت الأقل تأثرا من تطبيق أي قرارات في سوق العمل مهما كان نوعها، فهل نشهد في المرحلة القادمة الإعلان عن إستراتيجية، خاصة في نشر ثقافة تطبيق ممارسات الموارد البشرية؟.