هند المسند

«القشة التي قصمت ظهر البعير» يستعمل هذا التعبير في شأن أمر يسير يأتي عقب أمر كبير، فيكون على صغر حجمه سببًا في انهيار ما كان متحملًا وتفكك ما كان مترابطًا وسقوط ما كان صامدًا. ولم يعرف هذا التعبير في تراثنا القديم، بل استعمله المحدثون بعد اتصال العرب بالثقافة الغربية.

ويحكى أن رجلاً كان لديه جمل فأراد أن يسافر إلى بلدة ما فجعل يحمل أمتاعا كثيرة فوق ظهر ذلك الجمل حتى كوم فوق ظهره ما يحمله أربعة جمال؛ فبدأ الجمل يهتز من كثرة المتاع الثقيلة حتى الناس يصرخون بوجه صاحب الجمل يكفي ما حملت عليه، إلا أن صاحب الجمل لم يهتم، بل أخذ حزمة من تبن فجعلها فوق ظهر البعير، وقال هذه خفيفة وهي آخر المتاع، فما كان من الجمل إلا أن سقط أرضا فتعجب الناس، وقالوا قشة قصمت ظهر البعير. والحقيقة أن القشة لم تكن هي التي قصمت ظهره، بل إن الأحمال الثقيلة هي التي قصمت ظهر البعير، الذي لم يعد يحتمل الأمر فسقط على الأرض.

وهذه هي الحال دوماً فيمن ترك الأمور والمشاكل تتراكم وتتزاحم في حياته وقبل بأنصاف الحلول فيأتي عليه وقت يتعرض فيه لأمر لا يكاد يذكر فيهوي ساقطاً وسط تعجب الجميع كيف أن أمر بهذا الصغر أدى إلى تهاوي وتهالك وما سبقه من أمور أكبر لم تكن بها التأثير. وهي الحال في المشاكل الزوجية والمشاكل الحياتية، التي تقف دون التناقش وإبداء الرأي والوصول لحل لكلا الطرفين أو على الأقل التحدث بالأمر لأجل الفهم والإدراك وتفسير ما يحصل وتوضيح المراد حتى لا يصل الأمر إلى مرحلة تقف فيه جميع الأمور، فيستحيل بعد ذلك العودة للخلف ووقوع ما لا تحمد عقباه.

لذلك لا تستهين بأي أمر يؤذيك نفسياً أو جسدياً أو فكرياً، ولا تقبل بالصمت والتسويف والقبول كارهاً، وإياك أن تقع تحت عبارات مزخرفة وجمل تدفع بك على الخوف من الخسران أو غير ذلك، فالظالم لا بد له من وقت ويسقط، والمتحايل سيكون له يوم ويكشف، وثق أنه كلما ترفعت عن أدنى الأمور فأبداً لن يكون هناك ما يستحق الحديث فيه.

Almsned_hm@hotmail.com