عبدالكريم الفالح

تقدم بوتين نحو أوكرانيا وسفك الدماء واغتال الأطفال وقطع رأس كل ساع للسلام وسط أجواء من التوتر، ونفذ وقتل وعلق المشانق، ولم يلتفت لكل التحذيرات الغربية فيما عدا عدة دول مثل ألمانيا التي وقفت مع الدم والتفجيرات والصواريخ وتهديد بوتين بالضغط على الزر النووي.

ولم تملك القيادة الأمريكية سوى الطلب من رعاياها مغادرة أوكرانيا فورا!!

ولا أدري هل يعلم بوتين أن الحرب العالمية السابقة (الثانيه) قتلت 50 مليون نسمة.

وكما أعلن بوتين قبل عدة أيام بداية الغزو على أوكرانيا، كان ستالين قد أعلن عام ١٩٤٢ سقوط كييف!!

ويقول جورج فريدمان، الرئيس التنفيذي لشركة ستراتفور في مجلس شيكاغو للشؤون الخارجية في مقال له إن المصلحة الأساسية للولايات المتحدة، التي خاضت حروبا على مدى قرون، الأولى والثانية والحروب الباردة، كانت العلاقة بين ألمانيا وروسيا، لأنهما متحدتان هناك، وهما القوة الوحيدة. وللتأكد من عدم حدوث ذلك، يقول إنه لا علاقة للأزمة الأوكرانية بأوكرانيا. لأن الأمر يتعلق بألمانيا، وعلى وجه الخصوص، خط الأنابيب الذي يربط ألمانيا بروسيا ويسمى نورد ستريم 2، وترى واشنطن أن خط الأنابيب يمثل تهديدا لأولويتها في أوروبا وقد حاولت تخريب المشروع عند كل منعطف. ومع ذلك فإن نورد ستريم مضى وهو الآن يعمل بكامل طاقته وجاهز للانطلاق.

الخارجية الأمريكية ليست سعيدة أبدا بهذه التطورات، فهم لا يريدون أن تصبح ألمانيا أكثر اعتمادا على الغاز الروسي لأن التجارة تراكم العلاقات وتؤدي إلى التوسع، ومع ازدياد قوة العلاقات، يتم رفع المزيد من الحواجز التجارية، وتخفيف اللوائح، وزيادة السفر والسياحة، وتطور بنية أمنية جديدة في عالم حيث ألمانيا وروسيا صديقان وشريكان تجاريان، وليست هناك حاجة لقواعد عسكرية أمريكية، ولا لأسلحة وأنظمة صواريخ أمريكية باهظة الثمن، ولا حاجة لحلف شمال الأطلسي. ليست هناك حاجة أيضا إلى التعامل مع صفقات الطاقة بالدولار الأمريكي أو تخزين سندات الخزانة الأمريكية لموازنة الحسابات. يمكن إجراء المعاملات بين شركاء الأعمال بعملاتهم الخاصة مما يؤدي إلى حدوث انخفاض حاد في قيمة الدولار وتحول كبير في القوة الاقتصادية. هذا هو السبب في أن إدارة بايدن تعارض نورد ستريم. إنه ليس مجرد خط أنابيب، هو نافذة على المستقبل الذي تتقارب فيه أوروبا وآسيا معا في منطقة تجارة حرة ضخمة تزيد من قوتهما المتبادلة وازدهارهما بينما تترك الولايات المتحدة في الخارج تنظر إلى الداخل. هذا ما قاله ترومان.

وتشير العلاقات الأكثر دفئا بين ألمانيا وروسيا إلى نهاية النظام العالمي الذي أشرفت عليه الولايات المتحدة على مدار الـ 75 عاما الماضية.

الولايات المتحدة في طريقها لرسم صورة توحي بأن روسيا تشكل تهديدا أمنيا لأوروبا، وهذا ما لم تستطع تأكيده حتى الآن.

نهاية

وكأني أرى شبح الصحاف وهتلر في المؤتمرات الصحفية المتعلقة بأوكرانيا.

@karimalfaleh