علي بطيح العمري

ما أبهى قصص التراث وما أجمل وأنقى أصحابها..

كان التابعي الجليل (طلحة بن عبدالرحمن بن عوف) أجود قريش في زمانه، فقالت له امرأته يوما: ما رأيت قوما أشد لؤما من إخوانك.. قال: ولم ذلك؟ قالت: أراهم إذا اغتنيت لزموك، وإذا افتقرت تركوك!

فقال لها: هذا والله من كرم أخلا‌قهم! يأتوننا في حال قدرتنا على إكرامهم.. ويتركوننا حال عجزنا عن القيام بحقهم!

وفي هذه القصة..

* الزوجة هي الزوجة في كل عصر ومكان.. هناك مَن تخترع ما يصدع رأس الزوج.. تستغل أخرى كل شاردة.. تعلق إحداهن على ما لا دخل لها فيه بطرق ماكرة.. ترى زوجها يحنو على أخ فتكره ذلك، تشاهده يعطف على أخته ويصل صديقه فتتكدر.. لا أسوأ في الوجود من النفوس البائسة، التي لا تقدر واجبا ولا تعرف معروفا، وكلامي ليس تعميما، فلكل قاعدة شواذ.

* من أجرم المشكلات العائلية أن تحشر الزوجة أنفها في تفاصيل حياة عائلة زوجها، وأن يتدخل هو بشكل سافر وغير سافر في خصوصيات زوجته وعائلتها.. كوني، وكن وسطيا وحذرا في التعاطي مع قضايا الآخرين.

* ما أجمل الإيجابية وسمو الأخلاق.. الإيجابية تجعلك تتأول كل سلبية لتكون نجاحا، وتحملك على أن تحول بذكائك كل مفردة تشاؤمية إلى طاقة إيجابية، وتهبك الحكمة في مواجهة كل تعبير سامج وإيحاء بغيض يستهدف علوك واتزانك.

* لما قال الرسول -عليه الصلاة والسلام-: (إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث..).. لم تأت هذه الجملة من فراغ.. تصور لو وافق (طلحة) زوجته في ظنونها السيئة، بالتأكيد سيتكدر ذهنه، وتنسد نفسه، وسيرى المقربين غرباء، والطيبين خصوما، لكن إحسان الظن وزد عليها التماس الأعذار حول الموضوع إلى ضفة أخرى، وهي وصفة تريح العقل وتهدئ من شحن النفوس ضد الناس.

* سلامة الصدر.. عمل صغير يقود إلى الجنة.. وفي الحديث كان هناك رجل يعيش بين الصحابة وشهد له الرسول بالجنة ثلاث مرات.. فاجتهد عبدالله بن عمرو بن العاص لمعرفة السبب، وبعد البحث والسؤال قال له الرجل: لا أبيت وفي قلبي غل ولا حسد على أحد.

* قفلة..

قال أبو البندري غفر الله له:

إحسان الظن.. وصفة ذهنية لراحة البال وجرعة تعزز الصحة النفسية.

@alomary2008