أروى المزاحم

لا تقرأ مقالي إن لم تكن إحدى ضحايا أولئك، الذين يظنون أنفسهم أقوياء.. لمجرد امتلاكهم عضلة لسان بذيئة ومضطربة.. تفتك بالآخرين ذهابا وإيابا.. فلن تشعر بمدى ذاك الألم الذي خطه مداد القلم..

طفل لم يتجاوز السابعة من عمره يعاني تنمرا من ذويه.. والآخر لم تبلغ عدد أعوامه أصابع يديه.. ولكنه يقاسي تحمل وقع ألم تلك الكلمات، التي تلقاها من زملائه في المدرسة.. ممن تجردت مفاهيم تربيتهم من كلمة عيب، فهم لا يرون بأن إحراج الآخرين والتقليل من شأنهم بها أي عيب..

بالرغم من أنه لا تخلو ذاكرتنا جميعا من المثل الشعبي القائل: (لسانك حصانك، إن صنته صانك، وإن خنته خانك) هذا المثل الشعبي الذي أوجز الكثير من حقوق حفظ كرامة الإنسان، التي تتمثل في كلماته التي تخرج من لسانه، فإما أن يخلق من كلماته تلك بحرا من الود والتسامح، وإما أن تكون كالشرارة، التي لا تخلف وراءها سوى الدمار.

للأسف نعاني في وقتنا الحالي من متلازمة سلبية جدا، ألا وهي متلازمة الإيذاء اللفظي، التي تتضمن التنمر بكل أساليبه، مازال الكثير لا يعي تأثير كلماته، التي تنساب منه بسهولة دون وضع أدنى اعتبار عن مشاعر متلقيها، والأدهى والأمر أن موضوع التنمر لم يتعد الأطفال أيضا.

ولك أن تتخيل عزيزي القارئ نشأة طفل التهبت قريحته البريئة بأشد أنواع الأذى اللفظي.. لك أن تتخيل شكل نفسيته، التي سيحيا بها جراء الكلمات الجارحة، التي سمعها من محيطه أو من مكان أبعد من ذلك!

كثيرة هي المواقف التي يتعرض لها الإنسان في حياته منذ الصغر.. والتي قد تعرض لها من أحد أفراد عائلته أو من أي شخص من محيطه.. ولربما كانت قاسية جدا بحقه... فتركت له ذاك الأثر النفسي، الذي يواصل نزيفه إلى أن يكبر.. القليل جدا مَن يستطيع تجاوزها وتخطيها ولكن الغالب ينهزم أمامها وينكسر وتظهر فيما بعد على هيئة مرض نفسي أو عضوي..

ولعل ما زاد الأمر سوءا اليوم هو ظهور التكنولوجيا، التي أدت إلى انتشار التنمر حتى من خلف الشاشات، مما جعلته أمرا سهلا وفي متناول الجميع، بيد أن آثار هذا الأمر ليست بتلك السهولة التي يتصورها المتنمر، فالتنمر انتهاكا بحق الشخص الآخر كانتهاك أي أمر آخر..

ومضة:

المتنمر شخص ناقص.. يبحث عن كماله باستنقاص الآخرين.

@almuzahem