سلمان العنكي

مِن أهم المقومات التي يتحقق بها الأمن المجتمعي التصالح والتسامح، وعند التعاملات التجارية ومتعلقات الحياة العامة والتأقلم مع المُحترم من العادات، أما إن خلا المجتمع من هذه، وكثرت النزاعات، وقاطعت الأقارب بعضها «وصارت عقارب»، نتحارب على البسيط من أمورنا، وقضايانا في المحاكم تصدر فيها أحكام تعقبها أوامر تنفيذ، وقتها تُزرع الكراهية في الصدور والأحقاد في القلوب وتزيد الفُرقة، وحتى نتعايش ونتحاشى وقوع ما نكرهه ويفرقنا، علينا (أولًا) أن نتغاضى عما بسببه تخلق العداوة، ونرتفع بأخلاقنا، نترك مساحة محفوفة بالورود، واجهتها بيضاء، نكتب فيها عناوين المحبة والتوافق على ما كنا عليه مختلفين.

(ثانيًا): إن النفس لتسعد برؤية الأبوين، فهما روضة جنان، كلما كبرا وأينما حلّا. ما أجمل الجار أن تكون أولوية مشاعره وأحاسيسه آلام واحتياجات جاره، ونسيان هفواته واشتياق الرحم إلى رحمه، وتقديم ما يلزمه دون سؤاله. حب الزوجين المتبادل يخلق جوًا أسريًا جنائنيًا يرتع فيه الأولاد.

(ثالثًا): ما نراه اليوم من البعض أو نسمعه عنهم ليُدمي القلوب، وَلد لا يسأل عن حال أبويه المُقعدَين في بيتهما القديم، ابن أخ لا يحترم عمه، ويعتبره بعيدًا منه، ولا كأنه بمنزلة أبيه، وخال لا يعرف أبناء أخته التي نسيها لعقود، إخوة يتنازعون على تركة والدهم أو خلاف يتفاقم بينهم حتى لا يشارك بعضهم في عزاء مَن يموت، وجار قاطَع جاره على برميل قمامة نقله الهواء إلى بابه.

(رابعًا): نحن ندين بالإسلام، دين المحبة والتسامح والسلام، ألا يجدر بنا أن ننتبه من نومة الغافلين، ونصلح ما أفسدناه قبل أن يُفسِد أجيالًا آتية بعدنا؟!

(خامسًا): مَن له أبوان أو أحدهما، عليه وجوبًا أن يُعرض عن عقوقهما إلى برّهما، يرعاهما، يتفقد حاجاتهما، يبذل قصارى جهده في توفير الراحة لهما، يؤدي دَينًا لهما قبل أن يُحاسب عليه في آخرته، خلاف الجيران على شيء بسيط، لنتحمل بعضنا ونُنهي ما بيننا بالتفاهم والود والاحترام، الأرحام والأحباب مَن أخطأ وجاء ذراعًا يعتذر، على الآخر أن يسعى إليه باعًا ويقبل عُذره، وكأن شيئًا لم يكن، ويتفاهم معه على ما بقي، الزوج يراعي زوجته، وعليها في المقابل ألا تدع زوجها تقع عينه أو تسمع أذنه منها ما يكره، تقنع بالقليل، وتقبل اليسير، تواسيه في مِحَنه، تقدّر ظروفه. من أدرك منا الصباح لا يضمن المساء، ومَن أمسى لعله لا يصبح، نحن هكذا دون إنذار أو تحديد أعمار، نرى الجنائز تترى كل يوم تباعًا.. إلى أين بها ذاهبون، وكم لنا بعدهم من بقاء؟

يقول الشاعر: (وإذا حملتَ إلى القبور جنازةً... فاعلم بأنك بعدها محمول)، نعم كلنا راحلون وإن أبينا.