غنية الغافري

لا أعلم ما سر «تخرفن» بعض أصحاب «القلوب الخضراء»، ووقوعهم في الحب من أول نظرة حتى إن كانوا مقترنين بحوريات من الجنة! فتربة عواطفهم صالحة للزراعة، وإن شح الماء! فتأسرهم النظرة والابتسامة العابرة والتضاريس العادية والوجوه المُرَهّمة والفلاتر ونبرة الصوت واللهجات والبحة والكحة وكلمة شكراً ومرحبا ويعطيك العافية وتسلم، فهي لا تعني لهم سوى الحب! ولأن «محور الكون» تلبّس الثقة حتى الثمالة، فكل ما يصدر من المرأة أيا كانت فهو يعنيه وهو الإعجاب ولا ريب! وكم من متخرفن وقع ضحية غروره، فخسر ماله وأسرته وقد سمعت في أحد المجالس النسائية مَن تتندر وتفتخر بخرفنتها لأحد الموظفين، حيث تعسرت عليها معاملة، فعقدت العزم على خرفنته، وقامت بوضع المساحيق وتركيب الرموش وتمسكنت أمامه حتى تخرفن وأنجزت معاملتها في دقائق ولعل معاملتها لم يكن ينقصها إلا «التخرفن»، فهي من المعاملات السهلة لولا كسل البعض! وتكمل قصتها التي «لم تنزل لي من زور» بأن الموظف المسكين أصبح يهاتفها ظناً منه أنها وقعت في شباكه لكنها أصبحت «ذيبة» و«صكته بلوك»!! وقد أدركت نساء بعض الدول هذه الثغرة، فأصبحن يتلقفن تلك القلوب حتى استولوا على ثيابهم، التي يلبسونها حين لم يتبق شيء للاستيلاء عليه!! ولأنه لا توجد جريمة بمسمى خرفنة تمادت بعض النساء والفتيات في استدراج الشباب والشياب «المستعدين للتخرفن» واستغلالهم

ونسي المتخرفن «حوريته»، التي أنعم الله بها عليه، ولم يحاول حتى التظاهر بالخرفنة في حين أن هذا العصر، الذي اختلت فيه موازين القوى في بعض الأسر! وتغيرت مفاهيم بعض النساء فلم تعد تلك التي أرهقها البحث في المنتديات والمواقع عن كيفية كسب الزوج وأدوات السحر الحلال لتحوز على رضاه وشيء من ماله أو خدماته، ولم تعد مجالس النساء تتغنى بالزوج واستمالته! بل أصبحت تقوي المرأة وتدفعها للتمرد وتطمنها بأن السجن والغرامات مصير أي زوج قمعي ديكتاتوري مع تعزيز نظرية الخلع لأبسط خلاف، بل استيقظت متأخرة، وتذكرت أنها «ما حبته»! رغم أنه «حبيّب وطيب» وحتى لا تخرب بيتك أيها الزوج «تخرفن» وقدم قرابين الولاء، فاليوم تحتاج منك المرأة قيمة مضافة وقدراً أعلى من الحب والرعاية والاهتمام والسخاء و«عساك تسلم»! وإذا كان المختصون بالأمس يحذرون من الطلاق، فاليوم يحذرون من شراسة «الخلع»، الذي يعني لهن الانتصار وكسر الأغلال فقط وليس الحاجة الحقيقية! إن الركض المستمر نحو رفاهية الحياة والثقافة الاستهلاكية والتأثير المجتمعي والزهد في الأسرة، والتخفف من الالتزامات الدينية والتقليد! لم يسلم منه حتى أصحاب القيم والمبادئ، ومع احترامي لكل الزوجات اللاتي ما زلن يقدسن الحياة الزوجية ويحتسبن أجر طاعة الزوج ويعطينه قدره من التبعل مهما حصلن عليه من تمكين واستيعابهن بتكامل الأدوار بين الزوجين وليس تكافؤها إلا أنني أنادي الأزواج بالتخرفن لأم العيال والبذل لاستقرار الأسرة، فليس كل متخرفن «خروف»، بل هو رجل مكتمل الرجولة و(خيركم خيركم لأهله)، والزوجات العاقلات يبادلن هذا التخرفن تبعلاً أعظم مفعمًا بالحب والوفاء والتضحية. أما «قليلة العقل»، فهي مَن تفهم طيبة الزوج وسعيه لاستقرار أسرته والحفاظ على كيانها ضعفاً، فتستغله وتنكد عيشته فيبادلها بهجمة مرتدة ويطلقها قبل أن تنفش ريشها لتخلعه. وفي الختام، فإن لوزارة العدل دورا كبيرا في تشكيل لجان تعني بدعاوى الخلع ووضع آليات وشروط ومسببات لقبوله حتى لا يكون أداة سهلة بيد المرأة، التي تحركها المشاعر في الغالب لتفكيك الأسرة، كما على المصلحين والمؤسسات التوعوية وتكثيف البرامج والدورات في هذا الجانب.

@ghannia