د. أحمد عبدالله الكويتي

هل سألت نفسك في يوم ما لماذا نرى التقدم والتطور يصل إلى أعلى مستوياته في العديد من الدول المتقدمة وما هو السر وراء ذلك؟.

إن الإجابة عن هذا التساؤل سوف تزول حينما تعرف أن وراء هذا التقدم صناعة من أهم الصناعات، هي صناعة الجامعات، التي إن أحسن القائمون عليها لكان لها دور كبير وأثر رائع في النهضة والتنمية والحفاظ على المعرفة وتأمين وصولها للأجيال الحالية والمستقبلية.

وبنظرة متأملة لواقعنا المعاصر نجد أن من أهم عوامل التنمية المتقدمة لجميع القطاعات من الناحية الاجتماعية والقانونية هو الاهتمام بالجامعات، حيث تلعب دوراً مهماً لا يستهان به وتعتبر -وبحق- علامة فارقة بين التطور والتخلف، وبين الازدهار والتأخر، وبين الرجعية والتقدم.

وفي حقيقة الأمر، نجد أن تلك الصناعة ليست عملية عشوائية وإنما لها العديد من قواعدها الخاصة وقوانينها المعروفة بها، لذا يجدر بنا أن نتتبعها ونتعرف عليها ونعرف أهم العوامل، التي تميز أهم الجامعات على مستوى العالم، ولن يحدث ذلك إلا من خلال خطة مدروسة ومنظمة تقوم على التخطيط السليم، الذي يؤدي إلى نتائج تبهر الجميع.

ومن القواعد المهمة الواجب تعلمها واتباع قوانينها هي أن يتم إجراء العديد من البحوث الرائدة المركزة مما يساعد على توليد المعرفة والابتكار، ولا يتأتى ذلك إلا إذا تضافرت الجهود نحو تحقيق الأهداف.

ويجب علينا أن نحاكي أفضل الموجود لدى الجامعات المتقدمة ثم نعدل بكل طاقتنا إلى الأفضل، فنبدع فيما تعلمناه حتى تنشأ لدينا أفكار أخرى جديدة في كل المجالات، التي تقوم عليها تلك الصناعة، فنضيفها إلى أفكارنا، وبذلك تتحول هذه الأفكار إلى إبداعات، وذلك عند التركيز على الجانب المثير من الفكرة، وبهذا نستطيع أن نخطو نحو العديد من المسارات بدلا من السير في اتجاه واحد فقط، فتصبح جامعاتنا من أفضل الجامعات.

إن التكرار والتشابه واجترار التراث جمعاً وتصنيفاً وإعادة إنتاجه يعتبر معوقا من معوقات صناعة الجامعات الحديثة، الذي يجب أن نبتعد عنه إذا أردنا أن يكون لجامعاتنا دور ريادي وتقدم ملموس.

ويجب ألا نكون أسرى للقوانين الجامدة وغير النافعة حتى نستطيع اتخاذ القرارات المستنيرة والسلوك المسؤول، وبهذا نستطيع أن نشارك في صنع القرارات، التي تشكل مستقبل صناعة من أكبر الصناعات في العالم.

وخلاصة القول نستطيع أن نقول إن الجامعات إذا ما تم الاهتمام بها بالشكل المطلوب باعتبارها صناعة قائمة بذاتها، فستشكل أداة للتغيير الاجتماعي والاقتصادي، حيث تلعب أدوارا عديدة في تشكيل الوعي وبناء مؤسسات جديدة للمجتمع المدني، وتطوير قيم ثقافية جديدة، وتقديم خدمات أفضل على كل الأصعدة وتحريك التنمية، وذلك لأنها تمثل المراكز الأساسية للبحوث العلمية والتطبيقية، التي بدونها يصعب إحداث أي تقدم معرفي أو اقتصادي أو اجتماعي حقيقي.

وللمزيد من الاطلاع حول هذا الموضوع المهم أحيل القارئ إلى كتاب «صناعة الجامعات»، الذي صدر مؤخرا في العام 2021م عن دار نشر مكتبة المتنبي للمؤلفين بروفيسور فهد المهنا، دكتور أحمد الكويتي، والأستاذ أحمد صب لبن.

@Ahmedkuwaiti