ترجمة: إسلام فرج

حصن مصالحها في آسيا الوسطى مع استعداد الصين لتقديم الدعم اللازم

قالت مجلة «ناشيونال إنترست» الأمريكية: إن السبب الرئيسي في الاحتجاجات الحاشدة التي شهدتها كازاخستان مؤخرا، هو الزيادات الحادة في أسعار الوقود.

وبحسب مقال لـ «مارك ابيسكوبوس»، استجاب الرئيس الكازاخستاني قاسم جومارت توكاييف في البداية بمحاولة استرضاء المتظاهرين، حيث طبّق ضوابط مؤقتة على أسعار الوقود والسلع الأخرى، لكن الاحتجاجات سرعان ما تصاعدت إلى حالة طوارئ على مستوى البلاد.

وأردف: تم اقتحام المباني الحكومية ومراكز الشرطة في جميع أنحاء كازاخستان وإضرام النيران فيها، وتم الاستيلاء على أكبر مطار في البلاد لفترة وجيزة، وأضاف: بحسب ما ورد قُتل ما لا يقل عن 18 ضابط أمن كازاخستاني على يد ما تصفه الحكومة الآن بـ «العصابات الإرهابية» المدربة في الخارج.

أهداف المتظاهرين

وتابع ابيسكوبوس: لا يزال النطاق الكامل لأهداف المتظاهرين غير مؤكد، وقدم عدة آلاف من المتظاهرين في زاناوزين مؤخرًا ما وصفته صحيفة «واشنطن بوست» بأنه «قائمة المطالب الأكثر تحديدًا حتى الآن»، بما في ذلك تنحية توكاييف من السلطة، وتوسيع نطاق حماية الحقوق المدنية، والعودة إلى نسخة 1993 من الدستور الكازاخستاني الذي يُعتقد أنه كان أكثر ديمقراطية.

وأردف: لكن من غير الواضح ما إذا كان يمكن تفسير تلك المطالب على أنها تمثيل دقيق لأهداف الحركة الاحتجاجية على نطاق واسع.

ومضى يقول: زعم المسؤولون الكازاخستانيون والتقارير الإخبارية الروسية وجود أدلة واسعة الانتشار على المشاعر الأصولية بين بعض المتظاهرين.

وأوضح أن تقارير وسائل الإعلام الكازاخستانية أشارت إلى وجود محرضين خارجيين يُزعم أنهم حرّضوا الحشود بخطاب ذي طبيعة تركية.

وتابع: تتجلى مزاعم التدخل الخارجي في خلفية ما يبدو بشكل متزايد أنه انشقاق يتكشف داخل مجتمع النخبة الكازاخستانية.

ونقل عن يرموخاميت يرتيسباييف، الذي عمل مستشارًا للرئيس الكازاخستاني السابق نور سلطان نزارباييف، في مقابلة مع موقع RBC الروسي، يوم الجمعة، قوله: إن لجنة الأمن القومي في البلاد قد تسترت على وجود متشددين في معسكرات التدريب في الجبال منذ سنوات.

ومضى الكاتب بقوله: أصر يرتيسباييف على أن أعمال الشغب العفوية بهذا الحجم كانت ستكون مستحيلة لولا وجود خونة في أعلى مستويات الحكومة، وأردف: يصر الوزير السابق على أن الحراس المتمركزين في مطار مدينة ألما آتا الدولي حصلوا على أوامر من قبل مسؤولين أمنيين مجهولين بالتنحي قبل أقل من ساعة من اجتياح مثيري الشغب المسلحين للمباني.

السياسة الكازاخستانية

ويضيف الكاتب: يُقال إن نزارباييف، الذي ظل عنصرًا أساسيًا في السياسة الكازاخستانية، غادر -بعد نقل السلطة رسميًا إلى خليفته المختار توكاييف- البلاد مع بناته يوم الجمعة.

ومضى يقول: يُزعم أن السلطات الكازاخستانية أعادت إلى العاصمة اسمها السابق «استانا»، والتي تم تغيير اسمها إلى نور سلطان في عام 2019 تكريما لنزارباييف.

وأردف: تشير مصادر في موسكو إلى أن توكاييف أطلق بشكل أساسي انقلابًا للإطاحة بنزارباييف، وانتهى به الأمر بالاعتماد على روسيا لتأمين منصبه.

وبحسب الكاتب، دعا توكاييف قوات من منظمة معاهدة الأمن الجماعي، وهو تحالف عسكري تقوده روسيا في فترة ما بعد الاتحاد السوفيتي، وكازاخستان عضو فيه، لاستعادة النظام.

ومضى يقول: أعلن رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان، الرئيس الحالي لمجلس الأمن الجماعي التابع لمنظمة معاهدة الأمن الجماعي، مساء الأربعاء أن قوات منظمة معاهدة الأمن الجماعي ستدخل البلاد لفترة زمنية محدودة بهدف استقرار الوضع وتطبيعه، وحشدت قوات منظمة معاهدة الأمن الجماعي في غضون ساعات فقط من طلب توكاييف الرسمي، مما يشير إلى أن التدخل قد تم التخطيط له جيدًا مسبقًا.

ولفت إلى أن الصين مستعدة لتقديم الدعم اللازم لكازاخستان لمساعدة كازاخستان في التغلب على الصعوبات التي تواجهها.

وأشار إلى أن الزعيم الصيني تشي جين بينغ قال: إن الصين هي الصديق الموثوق به والشريك الموثوق به لكازاخستان.

وتابع: مدعومًا بمساعدة خارجية، أمر توكاييف قوات الأمن الكازاخستانية بإطلاق النار للقتل دون سابق إنذار، في محاولة جديدة لاستعادة السيطرة المحلية.

ونقل عنه قوله: أي مفاوضات يمكن أن تكون مع المجرمين والقتلة؟ لذلك، يجب تدميرهم، وسيتم ذلك في المستقبل القريب.

المستقبل الجيوسياسي

ونبّه الكاتب إلى أن نشر قوات منظمة معاهدة الأمن الجماعي ولّد موجة من التكهنات، سواء في موسكو أو بين المراقبين الغربيين، حول مستقبل أستانا الجيوسياسي.

وبحسب الكاتب، لم يقم الكرملين بصياغة أية شروط رسمية، كما أنه من غير الواضح ما إذا كان توكاييف قدم أي وعود ملموسة مقابل التدخل العسكري الروسي.

ولفت إلى أن مارغريتا سيمونيان، رئيسة تحرير «روسيا اليوم» طرحت على «تويتر» قائمة بالامتيازات التي يجب على موسكو أن تطالب بها من توكاييف.

ونبّه إلى أن هذه القائمة تشمل الاعتراف بشبه جزيرة القرم الملحقة بالروسية، وإعادة إنشاء الأبجدية السيريلية بدلاً من اللاتينية، وإنشاء اللغة الروسية كلغة رسمية ثانية للبلاد، وطرد المنظمات غير الحكومية المناهضة لروسيا.

ومضى يقول: لن يكون الأمر بعيد المنال بشكل خاص بالنسبة لموسكو أن تتفاوض بشأن نوع من اتفاقية إنشاء قاعدة طويلة الأمد مع أستانا، على عكس بعثة حفظ السلام الروسية الدائمة المتمركزة في أذربيجان بعد نهاية حرب ناغورني كاراباخ عام 2020.

وأردف: امتنعت واشنطن إلى حد كبير عن اتخاذ موقف سياسي قوي بشأن تدخل منظمة معاهدة الأمن الجماعي.

ونقل عن وزير الخارجية أنطوني بلينكين، قوله: أعتقد أن أحد الدروس في التاريخ الحديث هو أنه بمجرد دخول الروس إلى منزلك، يكون من الصعب جدًا في بعض الأحيان إقناعهم بالمغادرة.

واختتم الكاتب بقوله: حتى الآن، لعب الرئيس بوتين دوره بشكل جيد، مستغلًا الأزمة لتحصين دائرة نفوذ موسكو في آسيا الوسطى.