د. نورة عبدالله الهديب تكتب:

بشكل عام تختلف ردود أفعالنا في أغلب المواقف، وذلك على حسب طبيعة استقبالنا لها، وبعض المواقف تكشف لنا جزءا من الحقائق أو السمات الشخصية التي نتعامل بها مع الآخرين. والإنسان بين عقله وعاطفته نجده يجتهد في محاولة ضبط سلوكه المعرفي والجسدي والنفسي وغيره. وعلى سبيل المثال، البعض منا وفي حال وقوع المصائب أو المشاكل فإنه يتفاعل معها بعواطفه الهائجة. فنجده دائما يبحث عن أضعف طرف في المشكلة ليلقي اللوم عليه، وأحيانا نجده يلوم الضحية بشكل مبالغ فيه ليبرر لحماقة غضبه تلك الأسباب الوهمية التي يرددها -دائما- بسبب فشله ليرضي مشاعر الإخفاق أو النقص التي يشعر بها.

وفي مواقف مشابهة، تكون ردود أفعال البعض مغايرة لتأخذ مسارا عاطفيا مبالغا فيه -أحيانا- وذلك على حسب مستوى الحس العاطفي عند هؤلاء. جميل أن يكون الضمير في يقظة مستمرة ليعين صاحبه على ضبط سلوكه، ولكن قد يقع الإنسان ضحية لصوت ضميره إذا أنصت له بشدة ولم يحسن التعامل معه. نجتهد في تربية أنفسنا على مراقبة النفس عبر الضمير، ولكن قد يبالغ البعض في لوم نفسه حتى يقع ضحية للوسواس الذي يجر صاحبه إلى هاوية الأمراض النفسية المرهقة. فالاتزان في كيفية التعامل مع المشكلة وأسبابها وحلولها عبارة عن مشاركة وظيفية بين العقل (المنطق) والقلب (العاطفة).

وهناك من يواجه المشكلة بمشاكل سابقة ويندفع بتوجيه التهم العشوائية واللوم غير المنطقي إثر تراكمات الصمت أو الكتم التي تنفجر في أحد المواقف أو المشاكل التي تواجهه. هؤلاء -مع الأسف- يعتقدون بأنهم أصحاب عقل وحكمة مطلقة، ولكن تجرهم الحماقة في بعض الأوقات إلى سلوكيات غير مرضية يتفاجأ منها المحيط، أحيانا. وأخيرا، يبدع الساخطون في استقبال المصائب فنجد ألسنتهم لا تكف عن الجزع ولوم الزمن أو الظروف على ما أصابهم. الميل إلى التشاؤم والرؤية السوداوية للأمور تشعرهم بأن الظلم كالمظلة تظلهم أينما ذهبوا. وغالبا، ما يعتقدون بأن التفاؤل شعور خارج عن العادة وأن الرضا والقناعة مشاعر خاصة للضعفاء أو الكسالى.

وهنيئا لمن هذب نفسه وعلمها كيفية حسن الانضباط، وجعل من اللوم دروسا موجهة للجميع لتعم منفعتها لمن عقلها. حكمة الإنسان تظهر في مواقف متنوعة وهي ليست حكما مطلقا ولكنها دلالة على اتزان صاحبها. لذلك علينا أن نتعلم من أصحاب العقول الواعية والعواطف المنضبطة كيفية الاستفادة من المواقف والتعامل مع ظروفها السلبية لأن قوة تأثيرها على بعض الأفراد كفيلة برفع مستوى الحماقة التي لا نفع لها بعد الندم.

@FofKEDL