د. أحمد الألمعي

لا يستغرب كثير من المراقبين تصريحات القيادات الحزبية المتطرفة وزعماء ميليشيات إرهابية مثل المدعو حسن نصر الله بين الفينة والأخرى، فهو ينتمي إلى فئة من الشخصيات السيكوباثية، التي تعودنا منها هذا السلوك العدواني وتصريحات تعكس فكرا عقديا مدمرا وغير عقلاني لا يساهم في بناء أمة أو اقتصاد أو ازدهار مجتمعات. ولكن تطالعنا أحيانا تصريحات غريبة للسيد نصر الله تنافي أي منطق وتدعو للتساؤل عن كيفية تكوين هذه الأفكار ودلالاتها. دأب المحللون النفسيون والمختصون في علم النفس السياسي من حول العالم على مراقبة الكثير من الساسة والزعماء، وبخاصة الذين يحرصون على الظهور على مسرح الأحداث بتصريحات ومواقف متطرفة، خاصة تلك التي تتسبب في الحروب والدمار وهلاك الإنسانية، وقد تؤدي إلى زوال الوجه الحضاري لمناطق ودول في هذا العالم تماماً مثل الدور، الذي يؤديه زعيم ميليشيا حزب الشيطان في لبنان.

وأمثال هؤلاء الزعماء كثير في تاريخ الإنسانية القديم والحديث، فقد أحرق الإمبراطور الروماني عاصمة إمبراطورية الروم لكي يتجاوز مجلس الشيوخ ويعيد بناء روما حسب رؤيته الشخصية، كما تسبب هتلر في حرب عالمية، وقتل أكثر من ستين مليون إنسان والكثير من الدمار والمآسي، ورأينا ما صنعه القذافي وصدام حسين والخميني وكيف حولوا دولا مزدهرة اقتصادياً وحضارياً وثقافياً إلى دول مدمرة هامشية ومتخلفة في كثير من النواحي. ونرى السيد نصر الله يتبع خطى هؤلاء الزعماء السيكوباثيين في الطريق إلى الدمار الكامل لبلد جميل وحضاري كان يعرف بباريس الشرق.

عندما تطالعنا تصريحات تتهم دولا مثل المملكة العربية السعودية باحتجاز العاملين اللبنانيين فيها كرهائن، بينما المملكة ودول الخليج توفر مئات الآلاف من الفرص الوظيفية والعيش الكريم لهؤلاء المواطنين اللبنانيين، الذين دفعهم السيد نصر الله للهجرة وترك موطنهم بسبب الفقر وشح الوظائف تحضرني الكثير من التساؤلات. فسلوكيات «السيد» تسبّبت في هجرة العقول والعلماء اللبنانيين من بلادهم إلى دول أخرى، بالمقابل ازدهرت تجارة الكبتاجون وانتشر الفساد والقتل والنتيجة معروفة...... ضياع حضارة لبنان وأصبح الاقتصاد يعتمد على زراعة المخدرات وتصنيعها عوضاً عن تصدير الخوخ والعنب والحضارة.

قد تكون العزلة المفروضة على السيد نصر الله سببا في ظهور بعض الأعراض النفسية، التي يعاني منها بشكل واضح، فهو مختبئ في سرداب تحت الأرض خوفاً من الاغتيال، وخطاباته الكثيرة التي تترجم قلقه منقولة تليفزيونياً إلى الاتباع المغيبين. هذه العزلة تتسبب في كثير من الأحيان في قلق شديد واكتئاب وحتى أعراض ذهانية مثل الوساوس والضلالات والهلاوس، فقد تم توثيق هذه الأعراض في كثير من الأبحاث النفسية في بعض المرضى ممن عانوا من العزلة جراء الحجر الصحي الطويل بسبب وباء الكورونا. وهناك مسببات أخرى لمثل هذه الأعراض مثل إدمان الكبتاجون والمخدرات، التي انتشرت في لبنان للأسف مؤخراً. من المعروف أن هذه الظروف والمؤثرات قد تفاقم أعراض ذهانية موجودة بشكل طفيف مسبقاً، التي قد تظهر أحياناً في شكل سلوك سيكوباثي وعدواني، من أعراضه الشك والوساوس المستمرة وإحساس بالعظمة، وإحساس الشخص بأنه مكلف من قبل الرب أو شخصية عليا مثل الولي الفقيه برسالة أو دور معين في مخيلته بهدف إنقاذ مَن حوله، بينما هو في الواقع وفي سياق هذه العزلة يتسبب في الدمار. ومما يفاقم هذه الصورة تلقي السيد تقارير معينة ممن حوله هدفها الاستمرار في هذا المسار، وحماية المنظومة الشيطانية وزعمائها من الانهيار. ويستخدم السيد نصر الله طرقا نفسية محسوبة بدقة استخدمها كثير من السياسيين والزعماء السيكوباثيين في الماضي تعتمد على التخويف من خطر خارجي قد يقضي على الاتباع، وإيهامهم بأن لهم دورا في حمل الرسالة، التي لا يتفهمها العالم، وترهيبهم من المخاطر والتبعات إذا هم أهملوا في أداء المطلوب منهم واتباع أوامره. ويستمر السيد في هذا المسار بإطلاق سيناريوهات وقصص وهمية مبالغ فيها مثل احتجاز اللبنانيين العاملين في الخليج كرهائن، لأنه يعلم أنه كلما كانت الكذبة كبيرة سيصدقها الاتباع، تماماً نفس الأسلوب الذي اتبعه جوبلز وزير هتلر للدعاية النازية، فالسيد حسن هنا يؤدي نفس الدور للسيد خامنئي. التاريخ مليء بأمثال نصر الله ونهاياتهم معروفة. كفانا الله شرورهم وندعو للشعب اللبناني ألا يطول الزمن قبل إنقاذهم من هذه الشخصية السيكوباثية.

@almaiahmad2