حذيفة القرشي - جدة

حلول تنموية تتصدى لآثار الجائحة

رفع مستوى الشفافية وتعزيز معدلات النمو

القطاع الخاص شريك رئيسي في التنمية

خطوات مدروسة لتنويع مصادر الدخل

إيرادات تاريخية ترفع التصنيف الائتماني

تطوير الصناعات وابتكار الفرص الاستثمارية

استمرار مسيرة الإصلاحات لضمانة الاستدامة المالية

أكد اقتصاديون أن تقدير فائض مالي في الميزانية للمرة الأولى منذ 8 سنوات يعكس نجاح رؤية 2030 في تحقيق مستهدفاتها، لا سيما بعد الحلول الاقتصادية والاستجابة لآثار الجائحة باحترافية على كل المستويات التنموية التي شملت القطاعين العام والخاص، مشيرين إلى تقدير الإيرادات بـ 1.045 تريليون ريال، والنفقات بـ 955 مليار ريال يعكس قدرة القطاعات المختلفة وأجهزة الدولة، وسلامة السياسات المالية والإصلاحات الهيكلية التي نفذتها الحكومة.

أكدت عضو مجلس إدارة غرفة جدة سابقا د. عائشة نتو أن نجاح حكومة المملكة في تنويع مصادر الدخل وزيادة العوائد غير النفطية ورفع كفاءة النفقات، ساهم في خفض معدلات البطالة التي نزلت من 12.6 % في نهاية العام الماضي إلى 11.3 منتصف العام الجاري، نتيجة زيادة فرص العمل المتاحة أمام المواطنين، وأدت إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للقطاع غير النفطي بنحو 5.4 % مدفوعا بنمو القطاع الخاص بنحو 7 %، مشيرا إلى أن صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع أكد في كلمته أهمية دور القطاع الخاص ووصفه بأنه شريك رئيسي وحيوي في التنمية.

وأوضحت أن الحكومة السعودية بنت توقعاتها للعام الجديد على ثلاث ركائز رئيسية، تتمثل الأولى في ترشيد النفقات، بحيث يُقدَّر أن تبلغ النفقات نحو 955 مليار ريال (254.666 مليار دولار) للعام المالي 2022 وأن يستمر ضبط النفقات لتصل إلى نحو 951 مليار ريال (253.6 مليار دولار) عام 2024. وهو ما يعكس إعادة ترتيب الأولويات بناءً على التطورات والمستجدات وبما يتناسب مع متطلبات الفترة، إضافة إلى إتاحة مزيد من الإمكانات أمام القطاع الخاص في قيادة الفرص الاستثمارية والاستمرار في خصخصة بعض الأصول والخدمات الحكومية وتطوير مشاريع البنى التحتية.

وأضافت: إن الركيزة الثانية، تتعلق بكفاءة الإنفاق، بحيث تواصل الحكومة السعودية جهودها في تعزيز كفاءة الإنفاق وتحقيق وفورات مالية من خلال تمكين الجهات الحكومية من تبنّي أفضل الممارسات في كفاءة الإنفاق ودعمها بالتدريب والإجراءات والتحفيزات اللازمة لتحقيق المستهدفات، فيما تتعلق الركيزة الثالثة بإعادة هيكلة الدعم، بحيث يتم العمل على إعداد إستراتيجية لمنظومة الدعم والإعانات الاجتماعية تحتوي على التوجهات العامة وتحديد الأهداف الإستراتيجية وتوضح الأثر في المستفيدين وفي المالية العامة، كذلك التوصيات الناجمة عن تحليل برامج الدعم والإعانات الاجتماعية.

نوه المستشار القانوني والاقتصادي هاني الجفري بالشفافية التي ترسخها القيادة الحكيمة في إعلان بنود الميزانية، وأكد أن الأرقام التي حملتها تعزز التزام الدولة بتوفير حياة كريمة للمواطنين وتحسين جودة حياتهم، من خلال التنمية البشرية وتوفير الوظائف وتحسين البنية التحتية والارتقاء بالخدمات، مع الاستمرار في تنفيذ المبادرات والإصلاحات الاقتصادية الهيكلية لتحقيق أهداف رؤية 2030، والتحسين المستمر في جودة الحياة، ورفع مستوى الشفافية وكفاءة الإنفاق، وتعزيز معدلات النمو، تؤكد أن الإنسان السعودي كان ولم يزل المحور الأول للتنمية.

وأوضح أن الميزانية تؤكد الاستمرار في حجم الإنفاق الكبير مع تحويل العجز إلى فائض مالي، مما يعكس مستوى النجاح الكبير للسياسات الاقتصادية التي تنتهجها الحكومة، ويدلل على استدامة النمو الاقتصادي والمالي وكفاءته.

وشدد على أن الحكومة السعودية حققت أكثر ما وعدت به في الأعوام الماضية، حيث لم يكن أكثر المتفائلين ينتظر أن يصل الفائض خلال الميزانية المقبلة إلى 90 مليار ريال، في ظل التحديات المالية التي تواجه معظم دول العالم، والتقلبات المستمرة في أسعار الطاقة، واستمرار تبعات جائحة كورونا العالمية التي ما زالت تلقي بظلالها على المجتمع الدولي.

وتابع: «حققت المملكة أبرز مستهدفات ميزانية العام الماضي برفع كفاءة الإنفاق الحكومي وزيادة الإيرادات وتقليص العجز المالي، وتوجهها الرئيس يتمثل في استمرار تطبيق البرامج والمبادرات والمشروعات المعلنة، حتى تحقيق مستهدفات الرؤية وتلبية تطلعات المواطنين».

أوضح الأستاذ المشارك بجامعة الملك عبدالعزيز والخبير الاقتصادي د. وحيد أبو شنب أن أحد الأمور التي تعكس نجاح السياسات الاقتصادية المتبعة للقيادة الحكيمة هو تحويل العجز في ⁦‪الميزانية‬⁩ إلى ⁦‪فائض من بعد أن وصل حجم العجز بالميزانية إلى 360 مليار ريال قبل سنوات وتقلص تدريجيا وبخطوات مدروسة لأفضل رؤية بتاريخ السعودية والتي عنوانها «تنويع مصادر الدخل غير النفطية»، والتي يشرف عليها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع.

وصف رئيس لجنة الأوراق المالية في غرفة جدة سابقا عادل عقيل ميزانية السعودية لعام 2022 بـ (التاريخية وغير المسبوقة) إذ حملت أكبر مبلغ للإيرادات في تاريخ المملكة، وحملت بشائر الخير بتحقيق فائض للمرة الأولى منذ 8 سنوات، إذ كان آخر فائض في ميزانية عام 2013م.

وأشار إلى أن الأرقام التي أعلنت عنها حكومة خادم الحرمين الشريفين فاقت كل التوقعات، وبرهنت على نجاح السياسة الحازمة التي تتبعها القيادة الرشيدة، بل وتخطت الحاجز الذي توقعته المؤسسات البحثية، وأدت إلى انعكاسات كبيرة على الاقتصاد الوطني، إذ رفعت وكالة «موديز» للتصنيفات الائتمانية لخدمات المستثمرين، نظرتها المستقبلية إلى اقتصاد السعودية، من سلبية إلى مستقرة مع تثبيت تصنيفها الائتماني للمملكة عند A1، وأكدت قدرة البلاد على عكس كثير من الديون.

ولفت إلى أن وكالة «ستاندرد أند بورز» رأت أن الاقتصاد السعودي قادر على التعافي السريع من صدمات العام الماضي، مع تعافي الطلب العالمي على النفط وزيادة الاستهلاك الخاص. وأكدت الوكالة أن الرياض ستواصل في الأعوام المقبلة جهودها في تحقيق رؤية 2030، والتي تهدف بشكل رئيس إلى دعم القطاع غير النفطي والطلب في القطاع الخاص، والتحول الاجتماعي للبلاد عبر سلسلة مشاريع كبيرة، فيما أكدت وكالة «فيتش» أن احتفاظ السعودية باحتياطي مالي كبير يوفر لها قدرا جيدا من المرونة لتيسير حاجات التمويل العام، في حال عدم استقرار عائدات النفط، وأشارت إلى أن الأرقام التي تضمّنها بيان الميزانية العامة لعام 2022، تعكس سلامة السياسات المالية والإصلاحات الهيكلية التي قامت بها الحكومة السعودية في ظل رؤية 2030.

قالت المستشار الاقتصادي رنا زمعي: إنه في كل عام يتجدد التأكيد على قدرة القطاعات المختلفة وأجهزة الدولة في تحقيق مستهدفات الرؤية وخصوصا بعد الحلول الاقتصادية والاستجابة لآثار الجائحة باحترافية على كل المستويات التنموية والتي شملت القطاعين الخاص والعام، وأبرز ما تم التركيز عليه في دعم التنوع الاقتصادي وتشجيع برنامج تطوير الصناعات الوطنية باختلافها، وما قامت به الوزارات المكونة للفريق الذي تقوده وزارة الصناعة لتمكين الصناعات باحتياجاتها المختلفة ومع نفس المستوى، فإن مركز أداء قد سجل أفضل الأرقام والمقاييس خلال العام الماضي، مما يؤكد الأرقام المالية بالميزانية التي تعزز ما اكتسبته المملكة من ثقة دولية في عقد الأعمال وحرصها على التحسين والتطوير المستمر.

وأوضحت أن الفائض المالي بالميزانية يدل على الوعي المالي الذي انتشر على جميع الأصعدة بين الأجهزة الإدارية في الدولة وعلى مستوى المواطنين وأصحاب الأعمال كذلك، فيما أصبح الترفيه وجودة الحياة والتحسين المستمر لرفع كفاءة الخدمات المقدمة وخاصة الرقمية والتحول الذكي الذي نشهده في جميع ممارساتنا اليومية كمواطنين إضافة إلى المقيمين وكل من يحظى بتواجده في المملكة.

وأضافت أننا اليوم نشهد انتعاشا اقتصاديا صحيا متجددا يؤكد أننا نواكب ونجدد ونزدهر، مشيرة إلى أن تنمية المجتمع والاهتمام بصحة الأفراد كانت ولا تزال الجانب الأهم من اهتمام الدولة حفظها الله، واليوم نرى متابعة الأحداث للمتحور ونحن على ثقة أننا سنكون على إحاطة بعمل ما يلزم عند الحاجة ولدينا من الاطلاع والكفاءة والالتزام ما يكفي لجعل اقتصاد المملكة في أولوية أخرى.

ولفتت زمعي إلى أن الاستثمارات وصناعة فرصها المتنوعة والفكر المتجدد في ابتكار الفرص الاستثمارية في مختلف المجالات التي تتم قيادتها من جميع القطاعات ما هو إلا نتيجة للفكر الاقتصادي المتقدم الذي تتبناه الدولة وثقافة التنوع والشمول التي تثري المحتوى المحلي ثقافيا واقتصاديا وتنمويا.

أفاد رئيس لجنة النقل البري في غرفة جدة سعيد البسامي أن أكبر المكاسب في ميزانية 2022 تتمثل في استمرار مسيرة الإصلاحات بنفس الوتيرة والحماسة التي كانت عليها في السنوات الماضية، والتزام الحكومة بالمحافظة على أسقف الإنفاق المعلنة سابقا، بما يضمن استدامة مالية على المدى المتوسط، ومركزا ماليا قويا يمكّن الدولة من مواجهة أي متغيرات طارئة، وامتصاص الصدمات الاقتصادية غير المتوقعة.

وأضاف أن بيان الميزانية أوضح تركيز المملكة على فعالية الإنفاق وعلى تحقيق أهداف الميزانية المتوازنة بحلول عام 2023. ويعزى جزء كبير من قيود الإنفاق إلى (صندوق الثروة) وبرامج الاستثمار الأخرى التي تشارك فيها كيانات الدولة والتي تعطي مساحة لتقليص الإنفاق.

ولفت إلى أن المبهج في الميزانية الجديدة أن الفائض المتوقع، المقدر بـ 90 مليار ريال، لا يأتي على خلفية ارتفاع أسعار النفط والإنتاج فحسب، وإنما على خلفية تقليص الإنفاق المرتبط بكوفيد 19 أيضا فضلا عن الاستمرار في تحويل عبء الاستثمار إلى صناديق الدولة بقيادة صندوق الاستثمارات العامة.

وأشار إلى أن الأهم في المرحلة المقبلة هو كيفية إدارة الحكومة للفوائض المتوقعة، خاصة إذا كان صندوق الاستثمارات العامة سيحصل على المزيد من التحويلات من الميزانية، وهو أمر من شأنه أن يعزز قدرة الصندوق على تحقيق أهدافه من أجل زيادة إجمالي أصوله.