ترجمة: إسلام فرج

ثمة مخاوف من خطأ الرئيس الروسي في التقدير

تساءل موقع «بوبيلر ميكانيكس» عن احتمالات خوض الولايات المتحدة حربا مع روسيا بسبب أوكرانيا.

وبحسب مقال لـ «كايل ميزوكامي»، حذر مسؤولو المخابرات الأمريكية مؤخرًا حلفاء الناتو من أن القوات العسكرية الروسية تحشد ما يصل إلى 175000 جندي على الحدود الأوكرانية، وهو وضع يمكنها من غزو ذلك البلد بحلول أواخر يناير.

وتابع الكاتب: إذا كان هذا صحيحًا، فسيكون هذا بمثابة الجولة الثانية من القتال بين البلدين المتجاورين، والمرة الثانية خلال 8 سنوات التي تغزو فيها روسيا أوكرانيا.

وأردف: على عكس المرة السابقة، يمكن أن يؤدي هذا الصراع الجديد إلى جر الولايات المتحدة وعناصر من حلف شمال الأطلنطي، مما يؤدي إلى تأليب القوى المسلحة نوويًا ضد بعضها البعض.

ومضى يقول: بعد روسيا، تعد أوكرانيا ثاني أكبر دولة في أوروبا من حيث المساحة، ويشترك البلدان في حدود برية، تاريخياً، كانت أوكرانيا تشكل جزءًا كبيرًا من الأراضي التي يسكنها شعب الروس القدامى، وكانت مهيمنة سياسيًا بين الروس قبل أن تغزوها الإمبراطورية المغولية في القرن 13.

وأردف: لم تسترد المنطقة تمامًا، واستمر جيرانها، بما في ذلك روسيا المتمركزة في موسكو، في تقسيم الأرض حتى أوائل القرن الـ20، على الرغم من أن أوكرانيا تمتعت بفترة قصيرة من الاستقلال بين عامي 1918 و1920، إلا أنها انضمت لاحقًا إلى الاتحاد السوفيتي، الذي انهار في 1991، وتتمتع أوكرانيا باستقلال سياسي كامل منذ ذلك الحين.

الدول العازلة

ويضيف ميزوكامي: مع ذلك، فإن استقلال أوكرانيا لم يرُق لروسيا على الإطلاق، وأصبح ذلك حقيقة في عهد الرئيس فلاديمير بوتين.

وتابع: تسبب تاريخ من الغزوات الأجنبية، من المغول إلى ألمانيا النازية، في رغبة الكثيرين في روسيا في بناء جدار من الدول العازلة، بما في ذلك أوكرانيا، التي تحيط بالبلاد.

وأشار إلى أن توسع الناتو شرقاً في التسعينيات والعقد الأول من القرن 21 ليشمل دولاً مثل بولندا وليتوانيا ولاتفيا وإستونيا أدى إلى إثارة جنون الارتياب الروسي حيال العدوان الأجنبي.

وأضاف: على الرغم من هدف الناتو كتحالف دفاعي، فإن الكثيرين في جميع أنحاء روسيا ينظرون إليه على أنه منظمة عسكرية تهيمن عليها الولايات المتحدة، التي غزت دولًا أجنبية (كأفغانستان والعراق) مرتين في السنوات الـ20 الماضية.

وتابع: السيادة الأوكرانية هي أيضًا نقطة مؤلمة لأولئك الذين في روسيا، خاصة بوتين، بينما تنظر الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي في المقام الأول إلى استقلال أوكرانيا على أنه أمر إيجابي للشعب الأوكراني، تعتبره موسكو رفضًا لاتحاد دول سوفياتية سابقة، ونوه إلى أنه في ظل هذا التفكير الصفري، فإن سيادة أوكرانيا هي انتصار للولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي.

ومضى يقول: شبه جزيرة القرم، وهي شبه جزيرة على طول الساحل الشمالي للبحر الأسود، كانت لفترة طويلة جزءًا من روسيا، لكن الاتحاد السوفيتي نقلها إلى أوكرانيا في 1954، ولم تكن هذه مشكلة كبيرة طالما كان الاتحاد السوفيتي موجودًا، فهو أمر يشبه نقل الحكومة الفيدرالية الأمريكية قطعة أرض من ولاية كاليفورنيا إلى ولاية نيفادا، ولكن بمجرد استقلال البلدين، أثبتت القرم أهميتها الإستراتيجية للسيطرة الروسية على البحر الأسود.

طول الحدود

ويقول الكاتب: في 2014، وصلت الأمور إلى ذروتها، غزت قوات المارينز والمظلات الروسية والقوات الخاصة، سبيتسناز؛ واستولت على منطقة القرم في أوكرانيا دون أي قتال، في الوقت نفسه، هاجمت القوات المدعومة من روسيا أوكرانيا في منطقة دونباس في البلاد، سعيًا لفصلها عن أوكرانيا والانضمام إلى روسيا، ولا تزال الحرب غير الرسمية مستمرة، حيث تندلع أعمال عنف من حين لآخر على طول الحدود الروسية الأوكرانية.

وأوضح أنه في ذلك الوقت، كانت استجابة الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي فاترة، حيث قوبل ضم شبه جزيرة القرم واستخدام الوكلاء في دونباس بعقوبات اقتصادية ومساعدات عسكرية طفيفة لأوكرانيا، على الرغم من أنها لم تكن كافية لإعادة تجهيز القوات البرية الأوكرانية بأي طريقة ذات معنى.

ولفت إلى أن هذا الوضع أثار القلق من أن الفشل في إنزال عقوبة كافية لروسيا على عدوانها شجعها وبوتين على وجه الخصوص، حيث تقول موسكو إنها يمكن أن تصمد أمام أي تداعيات، باستثناء الحرب مع الغرب.

وأشار إلى أن العمل العسكري، الذي يمكن أن تشنه روسيا اليوم يختلف عما كان في 2014. وتابع: على عكس عام 2014، عندما استخدمت روسيا وكلاءها وأفرادها العسكريين، بعد تجريدهم من هويتهم، فإن صراعًا جديدًا سيشهد صراعًا مباشرًا ومفتوحًا بين البلدين، الكتيبة 90 أو أكثر من المجموعات التكتيكية للقوات البرية الروسية، المدعومة بالدبابات والمدفعية والدعم الجوي، ستكون أكبر من أن تخفي هوياتها.

وأوضح أنه إذا تعلق الأمر بحرب شاملة، فمن المرجح أن تستخدم روسيا جزءًا صغيرًا من قوتها القتالية المجمعة، والاستيلاء بسرعة على مساحة محدودة من الأراضي الأوكرانية. وأشار إلى أن أوكرانيا أكبر من أن تُحتل بالكامل، لكن كلما طال الصراع، زاد احتمال الرد العسكري لحلف شمال الأطلسي.

احتلال أوكرانيا

ونوه إلى أن احتلال أوكرانيا، لإشباع رغبة بوتين في التوسع، هو مجرد جزء من هدف روسيا، والباقي يدور حول إخضاع البلاد سياسيا لترهيب الناتو.

وتابع: تدعم العديد من دول الناتو، خاصة الدول السوفيتية السابقة الصغيرة مثل ليتوانيا ولاتفيا وإستونيا، فضلاً عن دول حلف وارسو الأسيرة السابقة، المشاركة العسكرية في أوكرانيا، بحجة أنها قد تكون التالية، ومع ذلك، أشارت ألمانيا تقريبًا إلى أنها لن تستخدم القوة العسكرية ضد روسيا، التي تزودها، ومعظم دول أوروبا، بالغاز الطبيعي في الشتاء.

ونوه إلى أن الدول الأخرى الأقرب إلى المحيط الأطلنطي من البحر الأسود قد لا ترى مصلحة مباشرة في حرب روسية أوكرانية. وخلص الكاتب إلى أنه إذا هاجمت روسيا أوكرانيا، فستنتهي بسرعة، ولن يكون هناك الكثير الذي يمكن لحلف شمال الأطلنطي القيام به حيال ذلك.

وأردف: إذا هاجم بوتين قوات الناتو مباشرة، فإن المادة 5 من ميثاق الأطلسي، الوثيقة التأسيسية لحلف الناتو، سوف تتطلب من جميع دول الناتو الرد عسكريًا، فجأة، ستكون روسيا في حرب مع كل أوروبا تقريبا. وأشار إلى أن بوتين بدا في وضع الأساس لإخراج الناتو من المعادلة، عندما قطعت روسيا العلاقات الدبلوماسية مع الحلف في أكتوبر، ثم اشتكت من أن بروكسل دمرت كل آليات الحوار التي يمكن أن تهدئ الأزمة. وأضاف: كما حذر الرئيس الروسي من أن صواريخ الناتو بعيدة المدى في أوكرانيا ستكون «خطًا أحمر» من شأنه أن يجبر بلاده على التحرك، ألمح بوتين إلى أن قصر مدة طيران الصواريخ التكتيكية، التي يحتمل أن يكون لها رؤوس حربية نووية، من أوكرانيا إلى موسكو سيجبره على شن هجوم استباقي، لكن السؤال هو هل ستخوض الولايات المتحدة حقًا حربًا مع قوة نووية أخرى؟