محمد العويس - الأحساء

سواحل المملكة «ملاذها» الآمن من الصيد الجائر

أكد عدد من المختصين والمهتمين بالطيور لـ «اليوم»، أن الموقع الجغرافي الإستراتيجي للمملكة جعل منها «ملاذا» وموطنا متميزا للطيور المهاجرة بين قارات العالم، وأن المنطقة الشرقية تمثل أهمية لوقوعها ضمن مسارات هجرة الطيور على مدار العام، مشيرين إلى أن بحيرة الأصفر بالأحساء شرق المملكة العربية السعودية من أشهر الأماكن التي تقصدها الطيور كبيئة طبيعية حاضنة لكثير من الطيور المقيمة والمهاجرة سنويا، وذلك للحصول على مناخ دافئ، وتعتبر أيضا حلقة من حلقات استراحة هذه الطيور، مطالبين بأهمية المحافظة عليها من الصيد الجائر الذي تتعرض له مما يؤدي إلى تناقص أعدادها.

موقع إستراتيجي وموطن متميز بين قارات العالم

أوضح عضو هيئة التدريس بكلية الطب البيطري ومدير مركز أبحاث الطيور بجامعة الملك فيصل د. محمد الرشيد أن الموقع الجغرافي الإستراتيجي للمملكة العربية السعودية جعل منها موطنا متميزا للطيور المهاجرة بين قارات العالم.

وأضاف: تأتي أهمية المنطقة الشرقية لوقوعها ضمن مسارات هجرة الطيور على مدار العام، وتتميز بوجود مواقع مهمة للطيور على مستوى العالم، حسب التصنيف العالمي لمنظمة حماية الطيور العالمية، وتأتي أبرز هذه الأماكن في بحيرة الأصفر بالأحساء، شاطئ نصف القمر بالدمام، معقل مدينة صفوى، المستنقعات المائية، مياه الصرف الصحي المعالجة، إضافة إلى تواجد المزارع، وذلك من أجل توفر الغذاء والدفء أو حتى الرطوبة الطبيعية التي عادة تفضلها معظم الطيور البحرية.

وشرق المملكة يعتبر محطة رئيسية لهجرة الطيور نظرا لانتشار أشجار المانجروف، التي تعتبر مكانا مناسبا لتكاثر الطيور البحرية، لوجود هذا الغطاء النباتي والرطوبة.

وأشار إلى أنه يمكن تقسيم الطيور من حيث الهجرة إلى المملكة العربية السعودية حسب حالتها إلى أنواع متعددة من خلال ما ذكره «محمد سليمان اليوسفي - طيور السعودية، 1441» ومنها: مهاجر زائر صيفي، ومهاجر زائر شتوي، ومهاجر معشش، ومهاجر عابر، ومقيم معشش «تتنقل داخليا»، ومعشش عرضي.

وذكر أن من الدوافع التي تدفع الطيور للهجرة هي الدافع البيئي كقلة الغذاء بشكل كبير عند حلول الشتاء حيث تتساقط الأوراق وتقل الحشرات واللافقاريات التي تتغذى عليها معظم الطيور كما يقصر النهار وتنخفض درجات الحرارة إلى مستوى يتطلب طاقة كبيرة من الطائر للحفاظ على درجة حرارته الداخلية كونها تعتبر نهارية المعيشة مما يتطلب البحث عن أماكن أكثر دفئا ووفرة في الغذاء كأجواء المنطقة الشرقية.

كما أن معظم الطيور المهاجرة لها أوقات مرور منتظمة تختلف من منطقة لأخرى بالإضافة إلى أن لها مناطق ومسارات راحة معينة.

وقال: تعتبر بحيرة الأصفر بالأحساء شرق المملكة العربية السعودية من أشهر الأماكن التي تقصدها الطيور كبيئة طبيعية حاضنة لكثير من الطيور المقيمة والمهاجرة سنويا وعلى فترتين من الأماكن الباردة مثل كندا، روسيا، إيران، والهند، وذلك للحصول على مناخ دافئ، والتي تعتبر أيضا حلقة من حلقات استراحة هذه الطيور.

كما تأتي أبرز طرق المحافظة على الطيور المهاجرة عبر سماء المملكة وهو الدور الكبير والهام الذي يقوم به المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية من فرض حظر على ممارسة صيد الطيور على السواحل كساحل البحر الأحمر بطول 600 كم وبعمق 20 كم في اتجاه البر لعدة أعوام، وذلك تنفيذا لالتزامات المملكة تجاه الاتفاقيات والمعاهدات الدولية المعنية بالمحافظة على التنوع الأحيائي والأنواع المهاجرة من الحيوانات الفطرية.

أكدت عضو مجموعة رصد وحماية الطيور المصورة الفوتوغرافية سلمى العبيدي أنه تقسم الطيور في المنطقة الشرقية إلى ثلاثة أقسام طيور محلية، طيور مهاجرة، وطيور دخيلة ومستوطنة «من غير بيئتنا».

وأضافت: فترة تواجد الطيور ما يخص الطيور المحلية والدخيلة المستوطنة فهي متواجدة طوال العام وفي كل فصول السنة، وأما الطيور المهاجرة فتقسم إلى ثلاثة أجزاء على النحو التالي: جزء يمر بالمنطقة في الهجرتين الربيعية والخريفية وهو العدد الأكبر من الطيور، جزء يقضي فصل الصيف في المنطقة الشرقية، وجزء يقضي الشتاء في المنطقة الشرقية.

وأوضحت العبيدي أهمية المحافظة على هذه الطيور من خلال وقف الصيد الجائر، وحماية وتنمية المواطن البيئية الخاصة بكل نوع من أنواع الطيور «الغابات والأحواش والسواحل الرملية وغيرها» وحماية خطوط الهجرة من الصيد والتمدن وعدم قطع الأشجار، فالطيور مكون أساسي من مكونات أي نظام بيئي وفقدان أو خلل أعداد هذا المكون سوف يخل بالنظام البيئي بشكل مباشر أو غير مباشر.

حماية الأشجار وخطوط الهجرة من التمدن

قال المرشد السياحي جعفر السلطان: تعتبر بحيرة الأصفر إحدى أهم الوجهات السياحية الطبيعية ليس في الأحساء فقط بل على مستوى المملكة، ولا نبالغ إذا قلنا حتى على مستوى الخليج وليس منبع ذاك كونها أكبر تجمع مائي على مستوى الخليج أو بسبب كم السياح المتزايد الذي يقصدها كل عام من داخل وخارج المملكة، بل لكونها أيضا أحد أهم محطات توقف الطيور المهاجرة فيها لقضاء فصل الشتاء بسبب توفر الغذاء وملاءمة الأجواء في هذه الفترة لأنواع كثيرة ومتعددة من الطيور المهاجرة علاوة على أنواع كثيرة أيضا من الطيور المحلية المتواجدة حول البحيرة طوال العام الأمر الذي جعل منها قبلة لعشاق السياحة البيئية ومحبي الطيور البرية والمهاجرة بأنواعها.

وأشار إلى أن ما يؤسف له أن هناك فئة من رواد البحيرة لم يكن جمال هذه الطيور والتعرف عليها والاستمتاع بمشاهدتها وهي تمارس عاداتها اليومية ومراقبة طبيعة حياتها هي ما يجذبهم لهذه الطيور ومتابعتها ومراقبتها بل قنصها وقتلها تحت شعار ما يسمى ممارسة رياضة القنص، جزء كبير من هؤلاء الأفراد الذين يطلق عليهم محليا «قناصة» ونقصد منهم الجيل الجديد من صيادي الطيور أصبحت رياضة الصيد أو القنص ليست أكثر من مجرد عبث وتعد على الحياة الفطرية المحيطة بالبحيرة بأنواعها نباتية أو حيوانية، قبل موسم قدوم الطيور المهاجرة للبحيرة يلجأ بعض هؤلاء العابثين إلى إحراق مساحات واسعة من الحشائش المحيطة بالبحيرة متسببين في هلاك عدد كبير من الكائنات الفطرية المحيطة بالبحيرة بقصد خلق مساحات لهم للحركة بحرية وقت قدوم الطيور المهاجرة لتسهيل عملية استهدافها وقنصها، كما أن جزءا كبيرا من هذه الطيور المستهدفة غير قابل أو صالح للأكل، وأن صيدها كما قلنا لا يعدو عبثا وتعديا على البيئة الحساسة لبحيرة الأصفر، وقد أدى ذلك إلى تناقص كبير لأعداد وأنواع تلك الطيور، والمتجول حول أنحاء البحيرة يلاحظ أحيانا بعض تلك الأنواع التي تم صيدها ثم رميها لعدم ملاءمتها للاستهلاك الآدمي، وننتظر تحركا عاجلا من شرطة البيئة بفرض دوريات سرية لمتابعة ومراقبة هذه التعديات والانتهاكات والتوعية بضرورة المحافظة على هذه الطيور وبيئتها وفرض العقوبات والغرامات على المخالفات ومن يتجاوز هذه التعليمات.

بحيرة الأصفر إحدى أهم الوجهات السياحية الطبيعية