د. خالد الغامدي

جودة الحياة تعني استمتاع الفرد بحياته وشعوره بالسعادة والتفاؤل والتمتع بالصحة الجسمية والنفسية الإيجابية ورضاه عن حياته في جوانبها المختلفة مما يجعل حياته مليئة بالمعاني الإيجابية. وقد بدأ في النصف الثاني من القرن العشرين الاهتمام بجودة الحياة كمفهوم مرتبط بعلم النفس الإيجابي، حيث يؤكد أصحاب هذا الاتجاه أهمية تبني نظرة إيجابية عن الإنسان، فأصبح مفهوم جودة الحياة. وقد أُطلق في السعودية برنامج جودة الحياة 2020 عام 2018م، وهو أحد برامج تحقيق رؤية 2030 لتحسين جودة حياة سكان وزوار المملكة، وذلك عبر بناء وتطوير البيئة اللازمة لاستحداث خيارات أكثر حيوية تعزز من أنماط الحياة الإيجابية، وتزيد تفاعل المواطنين والمقيمين مع المجتمع، وتعزيز مكانة المدن لتكون من أفضل المدن العالمية، ويشتمل البرنامج على تطوير نمط حياة الفرد عبر وضع منظومة بيئية تدعم وتسهم في توفير خيارات جديدة تعزز مشاركة المواطنين والمقيمين في الأنشطة الثقافية والترفيهية والرياضية وتحسين جودة الحياة عبر تطوير أنشطة ملائمة تسهم في تعزيز جودة الحياة وخلق فرص العمل وتنويع الاقتصاد، إضافة إلى رفع مستوى مدن المملكة لتتبوأ مكانة متقدمة بين أفضل المدن في العالم. ويحرص ولي العهد الأمير محمد بن سلمان على جعل اقتصاد المملكة أكثر ازدهارًا وجعل المجتمع السعودي أكثر حيوية وتحسين المشهد الحضري في المدن السعودية وتعزيز حصانة المجتمع وتطوير قطاع السياحة وتحسين الظروف المعيشية. وقد احتلت السعودية المركزالأول عربيا في السعادة والواحد والعشرين عالمياً في تقرير السعادة العالمي لعام 2021، وهي تواصل طريقها بثبات نحو تحويل رؤية السعودية 2030 إلى واقع ملموس والارتقاء بجودة حياة سكانها في ظل القيادة الرشيدة ونجد نتائج هذا العطاء والجودة أن الرياض أصبحت ثالث أذكى عواصم مجموعة العشرين في مؤشر IMD للمدن الذكية، وتم إدراج المدينة المنورة في المؤشر كثاني مدينة سعودية بعد الرياض، حيث احتلت المرتبة 73 عالميًا والرابعة عربيًا متقدمةً بذلك على مدن تاريخية وعريقة.

ومما سبق نستنتج أهدافا ترتبط بأبعاد قابلية العيش في المدن اذكر منها تعزيز قيم الوسطية والتسامح والانضباط والعدالة والعزيمة والمثابرة وغرس المبادئ والقيم الوطنية وتعزيز الانتماء الوطني، وتمكين حياة عامرة وصحية وتعزيز الوقاية ضد المخاطر الصحية وإدارة الأزمات والارتقاء بجودة الخدمات المقدمة في المدن ووسائل النقل العام وتحسين المشهد الحضري في المدن السعودية. وقد وضع وثيقة لبرنامج جودة الحياة لمن حب الاطلاع على المؤشرات الشاملة المعروفة عالمياً وغيرها.

وقد عرّف خبراء الصحة العالمية جودة الحياة أنها إدراك الفرد لوضعه المعيشي في سياق الثقافة والنسق القيمي، الذي يعيش فيه وعلاقة هذا الإدراك بالأهداف والتوقعات ومستوى الاهتمامات. وأنا اتفق مع تعريف حبيب لجودة الحياة (2006) أنها درجة إحساس الفرد بالتحسن المستمر لجوانب شخصيته في النواحي النفسية والمرضية والإبداعية والثقافية والرياضية والشخصية والجسمية والتنسيق بينهما مع تهيئة المناخ المزاجي والانفعالي المناسبين للعمل والإنجاز والتعلم المتصل بالعادات والمهارات والاتجاهات، وتبني منظور التحسن المستمر للأداء كأسلوب حياة وتلبية الفرد لاحتياجاته ورغباته بالقدر المتوازن والاستمرارية في توليد الأفكار والاهتمام بالإبداع والابتكار. ونجد أن الأحياء العشوائية ظاهرة عمرانية خطيرة بقدر خطورتها الاقتصادية والحضرية والاجتماعية، فهي مناطق تصعب السيطرة عليها وتهدد صحة الشعب وأمنه بسبب الأخطار البيئية المختلفة ودورها في ارتفاع معدل الجريمة. وما يحدث الآن من تطوير الأحياء العشوائية وإعادة تأهيلها من أبرز أهدافها تحسين بيئة المناطق العشوائية والمساهمة في توفير أفضل الخدمات لسكانها وهذا هو تحسين جودة الحياة.

@drkali2008