د. فيصل العزام

زمن الانفتاح والمتغيرات وكثرة الفضائيات والثقافات وما أحدثه الإنترنت من تغيرات في المجتمعات والتقنية المتسارعة في وسائل الاتصالات جعل العالم ينساب وينصهر كما تنصهر المعادن في البوتقة بعضه على بعض، أصبحت لا حدود ولا قيود تقف أمام انتقال الأخبار والمعلومات والفتن والمغريات وفى خضم ذلك نتساءل عن التربية؟ لأن تربية الأجيال اكثر جوانب المجتمع عرضة للتغير وهنا حدث تغير كبير في منظومة التربية ومن المهم هنا الوقوف ومراجعة منظومة التربية للتوافق مع الآثار الناتجة من زمن الانفتاح.

قبل الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي كان الطفل يكتسب القيم من الأسرة ثم المدرسة ثم المجتمع المحيط به، والآن ظهرت بدائل وتراجع دور الأسرة والمدرسة وحل محلها الأجهزة الذكية في تربية الأولاد فلذات أكبادنا أصبح التربية والثقافة يتلقونها من الإنترنت والقنوات الفضائية وشبكات التواصل الاجتماعي، وهذا ملاحظ في السنوات الأخيرة وجلوسهم لساعات طويلة أمام هذه الأجهزة نعيش الانتشار الهائل لوسائل التواصل الاجتماعي والمتناقضات الخطيرة التي يعيشها عالمنا العربي، وما وصل إليه من ضعف شديد وما يحمله هذا الضعف من مضامين سيئة يستشعر به الشاب والفتاة وظاهرة الهشاشة التي نشاهدها في شبابنا ومشاعرهم التي تجرح من أقل شيء ويشعرون بالإهانة من أصغر كلمة، وظهورهم بالنفسية الضعيفة وهذه الحالة من الشعور تحطم صلابة المرء النفسية وتجعله عرضه للتحطيم بالكامل من أول صدمة في الحياة والانفجار المذهل والسريع للمتناقضات التي تعيشها الأجيال الحالية والقادمة، والمواقف شبه اليومية التي تتكرر أحيانا يتصل بك أو يرسل لك رسالة ويشتكى إليك من أزمة اجتاحت حياته وجعلته منهارا وغير قادر على مواصلة الحياة، هذا شعور الجيل الحالي الذين يعيشون دور الضحية ومشاعرهم المترفة وصلابتهم الضعيفة، إن الشباب والفتيات يضخمون المشاكل أي مشكلة في حياتهم لدرجة لا نتصورها ووصفها بالكارثة وأن المشكلة تفوق قدرة تحمل الشاب أو الفتاة، تجعله يشعر بالعجز والانهيار ويصفون المشكلة بكلمات مبالغ في وصفها والواقع غير ذلك. ثم تتفاجأ بأن المشكلة بسيطة وموقف عادى ومن مواقف الحياة العادية التي يتعرض لها جميع الناس ولم تستدع هذه المشكلة كل هذا التهويل وعدم القدرة على التصرف والمشاهد كثيرة والأمثلة التي نشاهدها ومن وقت ظهور مصطلح التنمر في عالمنا العربي، وعرف بشكل واسع في وسائل التواصل الاجتماعي وفى غضون سنة واحدة صار الجميع يشتكى ويبالغ في تقدير التنمر ويعلن أنه تعرض للتنمر حتى صار مصطلحا جاذبا للمراهقين.

تحدثنا عن بعض الآثار السلبية لهذه الوسائل ولكن قد يكون لها من الآثار الإيجابية الكثير وحاجة الحياة المعاصرة إلى هذه الوسائل وضرورية للمجتمعات ولكن انتشارها في الظهور والاتساع في استخدامها وتطويرها الخطير واعتماد الشباب عليها في حياتهم والإخفاق في تربية الأجيال للقيم والأخلاق الإسلامية التي غرست في الأجيال السابقة.

Abuazzam888@live.com