عبدالله إبراهيم العزمان يكتب:

الحياة عبارة عن رحلة قطار نمر به بمحطات عدة، تستوقفنا بعض المحطات لمدة طويلة، وأخرى قصيرة، ونمر سريعا بمحطات لا يكاد أحدنا يتذكرها.

وأنا في العقد الخامس من عمري، تعلمت من الحياة دروسا لم أكن لأتعلمها على مقاعد الدراسة ولو مكثت عشرات السنين، وتجيء دروسها أحيانا صادمة وصعبة وقاسية، وأحيانا أخرى جميلة وسعيدة ومفرحة.

فقد علمتني الحياة، ألا أبتعد عن رب العالمين مهما قصرت، وأن أعود إليه مهما أذنبت (ففروا إلى الله إني لكم منه نذير مبين...)، وعلمتني الحياة، أن وجود الوالدين بركة في الرزق وباب خير لا ينقطع، وأن الإخوة سند وعضد ورفعة وعزة، وأن الأخوات رحمة وعطاء وذخر، وعلمتني الحياة، أن الزوجة الصالحة سكن وأنس وبهجة، وأن الذرية الصالحة نعمة وفضل وهبة من رب العالمين، وأن الوطن أمن وسلام ورغد عيش.

علمتني الحياة، أن الصديق ليس هو من يكون بالضرورة ملازما لنا، بل إن الصداقة الحقة، أفعال تسجل وليست كلمات تقال، فلربما افتقدنا أصدقاء في أزماتنا كانوا قريبين جدا منا، وظهر لنا أناس بعيدون عنا لم نكن نعدهم في الأصل أصدقاء.

كما علمتني الحياة أن أجعل سري في بطن جوفي، لأنه إذا خرج لم يعد سرا. وعلمتني كذلك، أنها ستمضي بي وبغيري، فلا يجب أن آسى على اللبن المسكوب، وألا أحمل غيري سبب فشلي وتقصيري، وأن العمل الجاد طريق النجاح والتميز، وأن التغيير ظاهرة إيجابية وجرعة نشاط تقضي على الروتين الممل وتنشئ روابط ومسارات عصبية جديدة في الدماغ، وتصبح تلك المسارات أقوى وأكثر رسوخا كلما زاد استخدامها، وعلمتني كذلك أن أشغل نفسي بما يعود عليها بالنفع، فلا أدخل في مهاترات لا تجدي بل تزيد من حدة الخلاف بيني وبين الآخرين.

علمتني الحياة، أن كلمة النصح طعمها مر كالعلقم ولكنها مفيدة كالدواء، وعلمتني كذلك ألا أعتد برأيي، وأن أنظر إلى المواضيع من عدة جهات قبل الحكم عليها، وألا أدلي بدلوي فيما لا أفقه، ولا أمتنع عن إعطاء نصحي أو خبرتي لمن يريدهما ويطلبهما.

علمتني الحياة أن أركز على ما أحسنه من مهارات، وأتفوق فيها، لأنها كفيلة لجعلي متميزا على أقراني دون أن أضر أحدا منهم، وأنني كلما تدرب شخص على يدي فهذا نجاح آخر لي، وعلمتني أن الأخلاق ثروة في الدنيا وكنز في الآخرة، قال عليه أفضل الصلاة والسلام (أقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا).

قال أمير الشعراء:

قف دون رأيك في الحياة مجاهدا

إن الحياة عقيدة وجهاد

azmani21@